responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرسائل المؤلف : الجاحظ    الجزء : 1  صفحة : 147
وصدر صاحب الأذن الثانية أضيق، وهو إلى إفشائه أسرع، وبه أسخى وفي الحديث به أعذر، والحجة عنه أدحض.
ثم هكذا منزلة الثالث من الثاني، والرابع من الثالث أبداً إلى حيث انتهى.
هذا أيضاً إذا استعهد المحدَّث واستكتم، وكان عاقلاً حليماً، وناصحاً وإذاً، فكيف إذا أخبر ولم يؤمر بالكتمان، وكان ممن يمشي بالنمائم ويحبُّ إفشاء المعايب، وكان ممن ينطوي على غشٍّ أو شحناء، أو كان له في إظهاره اجتلاب نفعٍ أو دفع ضرر.
فاللوم إذ ذاك على صاحب السر أوجب، وعمن أفضى به إليه أنزل؛ لأنه كان مالكاً لسره فأطلق عقاله، وفتح أقفاله، وسرحه فأفلت من قيده ووثاقه، وصار هو العبد القنَّ المملوك لمن ائتمنه على سرِّه، وملَّكه رقّ رقبته؛ فإن شاء أحسن ملكته لحفظ ذلك السر فجزّ ناصيته، وجعله رهينةً ليوم عتبه عليه. وقل من يحسن الملكة، ويحرس الحرِّيَّة أو يضبط نفسه؛ فإنه ربما لم يخرجه غِشّاً فأخرجه سخفاً وضعفا. وإن أساء الملكة وختر الأمانة فأطلق السر واسترعاه من هو أشد له إضاعة، فسفك الدم وأنال النعم وكشف العورة وفرق بين الجميع، وإن كان المضيع لسره ألوم. قال الشاعر:

اسم الکتاب : الرسائل المؤلف : الجاحظ    الجزء : 1  صفحة : 147
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست