responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 680
ومسكين، ولموتانا موضعٌ يُجْعَلونَ فِيهِ، فأدخلا جَميعًا فأطلعتهما بعد أَيَّام وَقد تَغَيَّرت أكفانَهما، ثُمَّ أطلعتهما وَقد تزايلت لحومهما، ثُمَّ رأيتهما وَقد تفصلت الْعِظَام واختلطت فَمَا أعرفُ الْمِسْكِين من الْملك، فَمَا يُعجبنِي ملكك. فَلَمَّا خرج اسْتَخْلَفَهُ على الْمَدِينَة.

هَذَا الَّذِي تعرفُ الْبَطْحَاء وطأته
حَدَّثَنِي أَبُو النَّضر الْعقيلِيّ قَالَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن زَكَرِيّا قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد بن عَائِشَة قَالَ: حَدَّثَنِي أبي أَن هِشَام بن عبد الْملك حجَّ فِي خلَافَة عبد الْملك أَو الْوَلِيد، فطافَ بِالْبَيْتِ وَأَرَادَ أَن يسْتَلم الْحجر فَلم يقدر عَلَيْهِ من الزحام، فنصب لَهُ مِنْبَر فَجَلَسَ عَلَيْهِ، وأطاف بِهِ أهل الشَّام، فَبينا هُوَ كَذَلِك إِذْ أقبلَ عليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ عَلَيْهِم السَّلام عَلَيْهِ إزارٌ ورداء، أحسن النَّاس وَجها، وأطيبهم رَائِحَة، بَين عَيْنَيْهِ سجَّادة: أَنَّهَا ركبة عير، فَجعل يطوفُ بِالْبَيْتِ، فَإِذا بلغ الحَجَر تنحَّى الناسُ حَتَّى يستلمه هَيْبَة لَهُ وإجلالا. فغاظَ ذَلِكَ هشامًا، فَقَالَ رجل من أهل الشَّام لِهشام: من هَذَا الَّذِي قد هابه النَّاس هَذِه الهيبة وأفرجوا لَهُ عَن الحَجَر؟ قَالَ هِشَام: لَا أعرفهُ، لِئَلَّا يرغب فِيهِ أهل الشَّام، فَقَالَ الفرزدق وَكَانَ حَاضرا: لكني أعرفهُ، فَقَالَ الشَّامي: من هُوَ يَا أَبَا فراس؟ فَقَالَ الفرزدق:
هَذَا الَّذِي تعرفُ الْبَطْحَاء وطأته ... وَالْبَيْت يعرفُهُ والحلُّ والحَرَمُ
هَذَا ابنُ خيرِ عبادِ الله كلِّهمُ ... هَذَا النقيّ التيُّ الطاهرُ الْعلم
إِذا رَأَتْهُ قريشٌ قَالَ قَائِلهَا ... إِلَى مَكَارِم هَذَا يَنْتَهِي الْكَرم
ينمي إِلَى ذرْوَة العزِّ الَّتِي قصرت ... عَن نيلها عَرَبُ الإسلامِ والعجم
يكَاد يُمْسكه عرفانَ رَاحَته ... ركنُ الحطيمِ إِذا مَا جَاءَ يسْتَلم
يغضي حَيَاء ويُغْضِي من مهابته ... وَلَا يكلَّم إِلَّا حينَ يبتسم
بكفّه خيزرانٌ ريحُهُ عبقٌ ... من كفِّ أروعَ فِي عرنينه شمم
مشتقةٌ من رَسُول الله نَبْعَتُهُ ... طابتْ عناصرُهُ والْخِيمُ والشِّيم
ينجابُ نورُ الْهدى عَن نورِ غرته ... كَالشَّمْسِ ينجابُ عَن إشراقها الظُّلم
حمَّال أثقالِ أقوامٍ إِذا قُدِحُوا ... حُلْو الشَّمَائِل تَحلو عِنْده نعم
هَذَا ابنُ فاطمةٍ إنْ كنت جاهلَه ... بجدِّه أنبياءُ اللَّه قد ختموا
اللَّه فضَّله قِدْمًا وشرَّفه ... جرى بذاكَ لَهُ فِي لَوْحِهِ الْقَلَم
مَنْ جدُّه دَان فضلُ الأنبياءِ لَهُ ... وفضلُ أمته دانتْ لَهُ الْأُمَم
عمَّ البريةَ بالإحسانِ فانقشعت ... عَنْهَا الغياية والإملاقُ وَالظُّلم
كلتا يَدَيْهِ غياثٌ عمَّ نفعهما ... يستوكفانِ وَلَا يعروهما الْعَدَم
سهلُ الخليقةِ لَا تُخشى بوادره ... يزينُهُ اثْنَتَانِ الْحلم وَالْكَرم

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 680
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست