responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 666
وَالْمُسْلِمُونَ فِي ثَغْرِهِمْ وَجِهَادِهِمْ عدوَّهم، وَقَدْ خَلَفُوهُمْ فِي نِسَائِهِمْ وَحَرِيمِهِمْ، فَأَرَدْتُ أَنْ أُرْسِلَ إِلَى كلِّ مَنْ كَانَ فِي عرافةٍ مِنَ الْمُقَاتَلَةِ فَيَأْتُوا بِسِلاحِهِمْ وَيَأْتِينِي كلُّ عَرِيفٍ بِمَنْ فِي عِرَافَتِهِ مِنْ عبدٍ أَوْ مَوْلًى فَأَضْرِبُ رِقَابَهُمْ فَتُؤْمَنَ نَاحِيَتَهُمْ. قَالَ الأَحْنَفُ: فَفِيمَ الْقَوْلُ وَأَنْتَ عَلَى صَرِيمَةٍ؟ قَالَ: لتقولنَّ. قَالَ: فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لَكَ، يَمْنَعُكَ مِنْهُ خصالٌ ثلاثٌ: أَمَّا الأُولَى فَحُكْمُ اللَّهِ فِي كِتَابِهِ وَحُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اللَّهِ، وَمَا قَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ النَّاسِ من قَالَ: لَا: لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، بَلْ حَقَنَ دَمه، وَالثَّانيَِة: أنّهم غلَّة النَّاسِ لَمْ يَغْزُ غازٍ فخلَّف لأَهْلِهِ مَا يُصْلِحُهُمْ إِلا مِنْ غِلاتِهِمْ، وَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَحْرِمَهُمْ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ: فَهُمْ يُقِيمُونَ أَسْوَاقَ الْمُسْلِمِينَ، أَفَتَجْعَلُ الْعَرَبَ يُقِيمُونَ أَسْوَاقَهُمْ قَصَّارِينَ وَقَصَّابِينَ وَحَجَّامِينَ؟؟! قَالَ: فَوَثَبَ عَنْ كُرْسِيِّهِ وَلَمْ يُعْلِمْهُ أَنَّهُ قَبِلَ مِنْهُ، وَانْصَرَفَ الأَحْنَفُ. قَالَ: فَمَا بتُّ بليلةٍ أَطْوَلَ مِنْهَا أتسمَّع الأَصْوَاتَ، قَالَ: فَلَمَّا نَادَى أَوَّلَ الْمُؤَذِّنِينَ قَالَ لِمَوْلًى لَهُ: إِيتِ الْمَسْجِدَ فَانْظُرْ هَلْ حَدَثَ أمرٌ، فَرَجَعَ فَقَالَ: صَلَّى الأَمِيرُ وَدَخَلَ وَانْصَرَفَ وَلَمْ يَحْدُثْ إِلا خَيْرٌ.

إضاءة على الْخَبَر السَّابِق
قَالَ القَاضِي: قَول زِيَاد للأحنف " تنازعني فِيهِ مخلوجة ": أَي تعترضني فِيهِ عارضةٌ متعرجةٌ لَيست على سمتٍ وَلَا استقامة، فتقطعني عَن الِاسْتِمْرَار فتجذبني إِلَى الانحراف عَن المحجَّة إِلَى الشُّبْهَة الْمُؤِّدية إِلَى الْحيرَة، قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
نطعنهُمْ سُلكى ومخلوجةً ... كرَّك لامينِ على نابلِ
ويُرْوى كرَّ كلامين، وَفِي رِوَايَة هَذَا الْبَيْت وَتَفْسِيره اخْتِلَاف، وَشَرحه مستقصى فِي غير هَذَا الْموضع. وأصلُ الاختلاج الاقتطاع والاجتذاب، وَمِنْه سُمِّي الخليجُ خليجًا لِأَنَّهُ مخلوجٌ من الْبَحْر ومعظمُ المَاء، بِمنزلة مَجْرُوح وجريح ومقتول وقتيل. وَقَوله: " وَأَنا على صريمة " أَي على أمرٍ أَنا قاطعٌ عَلَيْهِ وواثقٌ بِهِ، من صَرَم الحبلُ إِذا قطعه، فصريمةُ ذاكَ مقطوعٌ عَلَيْهَا غيرُ مرتابٍ بِهَا. وَمن ذَلِكَ قَول الْأَعْشَى:
وَكَانَ دَعَا قومَهُ دَعْوَة ... هلمَّ إِلَى أَمركُم قد صُرِمْ
أَي قُطِعَ وَأحكم. وَفِي هلمَّ لُغَتَانِ أفصحهما اللُّغة الحجازيَّة، وَهِي هلمَّ للْوَاحِد والاثنين وَالْجمع والمذكر والمؤنث على اخْتِلَاف أهلِ اللُّغَة فِي جَمع الْمُؤَنَّث، فَمنهمْ من يَقُول هلمنَّ وَمِنْهُم من يَقُول: هلممن، وأمّا أهلُ الحجازِ فلغتهم هلمَّ فِي الْمَوَاضِع كلهَا على مَا قدمنَا ذكره. وبَنو تَميم وَأهل نَجد يقولونَ هلمَّا وهلمّوا وهلمّي وهلمنَّ وهلممن. وَقد رُوِيَ بَيت الْأَعْشَى على اللُّغتين الحجازية والتميمية هلمّ إِلَى أَمركُم وهلمّوا إِلَى، وَجَاء الْقُرْآن فِي هَذَا بلغَة أهل الْحجاز، قَالَ الله تَعَالَى: " قُلْ هلمَّ شُهَدَاءَكُمُ " " الْأَنْعَام: 150 " وَقَالَ تبَارك وَتَعَالَى: " وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هلمَّ إِلَيْنَا " " الْأَحْزَاب: 48 ".

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 666
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست