responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 646
الارطى عروقحمر، وَكَذَلِكَ عروق السدر، فشبَّه الإبلَ بعروق الأرضي لحمرتِها، وَذَلِكَ أَن أشرفَ الإبلِ عِنْد الْعَرَب حمرها. وَفِيهِ قَول آخر وَهُوَ أَنَّهُ شبَّه الْإِبِل بعروق الأرطى لضمرها، وَذَلِكَ أَن ضمرها يدل عل نجابتها وكرمها، والعربُ تشبِّه الثورَ وَالْحمار بعروق الأرطى فِي الضمر، قَالَ الشَّاعِر فِي صفة حمَار:
خاظٍ كعرق السدر يس ... بق غَارة الخوص النجائب
يَعْنِي بالخاظي الْحمار الممتلئ السَّرِيع. وَقَالَ ذُو الرمة يذكر ثورًا يحْفر عَن أصل شَجَرَة:
توخَّاه بالأَظلافِ حَتَّى كأنَّما ... يثير الكثابَ الْجُعْدَ عَن متنِ مِحْمَلِ
الكثاب مَا يكثب من الرمل، والمحمل وَاحِد حمائل السَّيْف، يشبه حمرةَ عروقِ الشَّجَرَة بحمرة حمائل السَّيْف. والوذر جمع الوذرة وَهِي قِطْعَة لحم مجتمعة، والهبرةُ تشبهها إِلَّا أنَّها أكبرُ مِنْهَا، وَجمع الهبرة هبر. قَالَ القَاضِي: وفضلُ حُمْرِ الإبلِ على غَيرهَا مَشْهُور، وَمن مَعْرُوف كَلَامهم قَول قَائِلهمْ: كَذَا وَكَذَا أحبُّ إليَّ من حُمْرِ النَّعم، فخصُّوا حمرها لشرفها. والأرطى شجرٌ مَعْرُوف عِنْد الْعَرَب، وَهِي شَجَرَة مستطيلة الْوَرق الْوَاحِدَة مِنْهَا أَرْطَاة، وَقَالَ العجاج:
باتَ إِلَى أرطاةِ حقفٍ أَحْقَفَا
وَقَالَ الشماخ فِي الْجمع.
إِذا الأرطى توسَّد أبرديه ... خدودُ جوازئٍ بالرمل عين
وَقَالَ آخر:
وَلَوْلَا جنونُ الليلِ أدركَ ركضنا ... بِذِي الرِّمث والأَرْطَى عياضَ بنَ ناشب
وَالشَّاهِد فِي هَذَا كَثِير جدًّا.
قَالَ القَاضِي: وَألف أرطى أثبتَ للإلحاق بالأربعة كجعفر وَسَلْهَب، وَهُوَ ثلاثيٌّ أَصله " أرط " يدلُّ على هَذَا قَوْلهم أديمٌ مأروط، أَي مدبوغٌ بالأرطى، وَإِذا سميت بِهِ رجلا لَمْ تصرفه فِي الْمعرفَة لشبهه ألف التَّأْنِيث وَأَنه معرفَة، وَانْصَرف فِي النكرَة ليفرق بَين ألف التَّأْنِيث وَبَين الْألف الزَّائِدَة لغير التَّأْنِيث.
وَفِي هَذَا الْخَبَر من حسن مخالقة النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجميلِ عشرته وكريم شيمته، وتأنيسه عكراش بن ذُؤَيْب وتواضعه لله بمؤاكلته، وتعليمه كَيفَ يَأْكُل أَنْوَاع الطَّعَام مؤتَلِفِه ومختلفه، مِمَّا يباهي شرِيف مَنْزِلَته، ويوازي جلالة مرتبته.
وحقَّ على كلِّ ذِي لبّ وَدين وفطرةٍ سليمَة من أهل الدَّين تقيُّل فعله واتِّبَاع سَبيله والانتهاء إِلَى مَا نَدَبَ إِلَيْهِ والتأدّب بِما اخْتَارَهُ. وَفِيمَا جَاءَ فِي هَذَا الْخَبَر أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد أَن أكلَ وَغسل يَدَيْهِ وَمسح بِهما وَجهه وذراعيه قَالَ: هَكَذَا الْوضُوء مِمَّا غيرت النَّار،

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 646
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست