responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 639
وَكَانَتْ خَدِيجَةُ إِذَا وَلَدَتْ وَلَدًا دَفَعَتْهُ إِلَى مَنْ يُرْضِعُهُ، فلمَّا وَلَدَتْ فَاطِمَةَ لَمْ يُرْضِعْهَا أحدٌ غَيْرَهَا.
قَالَ القَاضِي: فِي هَذَا الْخَبَر مَا دلَّ عَلَى نُبُوَّة النَّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبديع آيَاته، ورفيع مَنْزِلَته، وعظيم بركته، وَثُبُوت حجَّته، وَمن سَعَادَة خَدِيجَة مَا وفِّقت لَهُ من تكرمته وإيثاره وتقدمته، وَمَا اتفقَّ لَهَا من الشّرف بزوجيّته، والحظوة بالمخالطة لَهُ ثُمَّ تَصْدِيقه والمسارعة إِلَى الْإِيمَان بِهِ واتباعه على دينه بعد أَن تمكَّن عِنْدهَا من تظاهر الْأَخْبَار عَن نبوته، والتبشير بنجومه ودعائه إِلَى ربِّه وتبليغ شَرِيعَته، والوعد بثوابه والتوعد بعقابه، وَمَا تقدَّم من إِلْقَاء ورقة بن نَوْفَل إِلَيْهَا وَتَقْرِير من أمره عِنْدهَا صلوَات الله عَلَيْهِ وَسَلَامه ورضوان الله وَسَلَامه عَلَيْهَا.

الأيّم والناكح
قَالَ القَاضِي: قَول أبي طَالب: " إِنَّ خَدِيجَة أيّم قُرَيْش " الأيم فِي كَلَام الْعَرَب: مَن لَا زوج لَهُ من رجلٍ أَو امْرَأَة كَمَا قَالَ جميل:
أحبُّ الْأَيَامَى إِذْ بثينةُ أيّمٌ ... وأحببتُ لمّا أَن غنيت الغوانيا
وَقَالَت صَفِيَّة بنت عبد الْمطلب تخاطب ابْنهَا الزبير:
وجربت آبادَ الدّهورِ عليكمُ ... وأسماءُ لَمْ تشعر بذلك أيِّم
وَقَالَ آخر:
لله درُّ بني عل ... يٍّ أيّمٍ مِنْهُم وناكح
وَقَالَ آخر:
فَإِن تنكحي أنكح وَإِن تتأيّمي ... وَإِن كنتُ أفتى منكمُ أتأيَّم
ويروى: يَدَ الدَّهْر مَا لَمْ تنكحي أتأيّم. وَهُوَ مَعْرُوف كَثِير. والأَيْم بِالتَّخْفِيفِ الحيَّة. وَقَالَ الله عَزَّ وجلَّ فِي الْأَيَامَى: " وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ والصَّالحين مِنْ عِبَادِكُمْ " " النُّور: 32 " يريدُ من لَا زوج لَهَا من نِسَائِكُم؛ وَمن الْأَيَامَى أَيْضا قَول الشَّاعِر:
إنَّ الْقُبُور تُنكح الْأَيَامَى ... والنسوة الأرامل الْيَتَامَى
والمرءُ لَا يَنْقَى لَهُ سُلامَى
وَمعنى هَذَا أَن الْمَوْت إِذا أَتَى على الرِّجال وأفنى أكارمهم أنكح بناتهم ووليّاتهم من يقصر عَن أحسابهنّ وَلَيْسَ بكفؤ لَهُنَّ.

النقي والرّيرُ
وَقَوله: " لَا تَنْقَى لَهُ سُلامى " أَي: من هُوَ قَلِيل الْخَيْر أَو لَا خير فِيهِ، وشبَّه ذَلِكَ بالمخ فَكَأَنَّهُ يَقُول: من لَيْسَ فِي سلامياته من قوائمه مخ وَهُوَ النِّفي، كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
أرارَ الله نَفْسَك فِي السُّلامى ... على من بالحنين تُعولينا
وَيُقَال: إِن آخر مَا يبْقى من النقي فِي السُّلامى وَالْعين كَمَا قَالَ الشَّاعِر:

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 639
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست