responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 633
تبَارك وَتَعَالَى: " سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ " الرَّحْمَن: 31 وَمن هَذَا قَول الْقطَامِي:
الم يحزنك أنَّ حبال قيسٍ ... وتَغْلِبَ قَدْ تَبَايَنَتَا انْقِطَاعا
والوجهُ الثَّانِي فِي قَوْله " نوحٌ " أَرَادَ النِّسَاء المتقابلات، يُقال: الشّجرُ والمنازلُ تتناوح أَي تتقابل.
وَقَالَ الشَّاعِر:
فَلَو أنَّها طافَتْ بطنبٍ معجَّمٍ ... نَفَى الرقَّ عَنْهُ جَدْبُهُ فَهُوَ كالِحُ
لجاءت كأنَّ القَسْوَرَ الْجَوْنَ بجَّها ... عسالِيجُهُ والثَّامر المتناوِحُ
يُرِيد المتحاذي المتقابل. قَوْله: " بطنبٍ مُعْجم " يُرِيد أَن مَا فِيهِ مِمَّا يحمل الثَّمَرَة من نفيهن وَمَا جرى مجراهُ، مُعْجم أَي قد أسْرع فِيهِ بالعض وَالْأكل. يُقال: عجمت الْعود أعجمه عجمًا إِذا عضضته، ويُقال عجمتُ العودَ لأعرف صلابته؛ وَمن كَلَام الْخَاصَّة: عجمته وخبرته، يشيرونَ إِلَى هَذَا الْمَعْنى، فقلبته الْعَامَّة وصحَّفته فَقَالُوا: عجنته وخبزته، وقصدوا هَذَا الْمَعْنى وَأتوا بلفظٍ مُشاكل، وَإِن كَانُوا أحالوا الْكَلَام عَن أَصله. وَحكي لي عَن أبي الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يزِيد النَّحْوِيّ أَنَّهُ قَالَ: مَا رأيتُ قَارِئًا صحف فِي تِلَاوَة الْقُرْآن تصحيفًا متشاكلا كإنسان قَرَأَ: بَلْ عجنت ويخبزون، لتشاكل العجن وَالْخبْز، وَأَحْسبهُ عزا هَذِه الْحِكَايَة عَن ابْن الراوندي. وَقَول هَذَا الشَّاعِر: نض الرّقّ عَنْهُ جدبه الرّقّ الْوَرق هَا هُنَا والحدب ضد الخصب وَقَوله: " فَهُوَ كالح " أَي كريه المنظر لجدوبته. يُقال: فلَان كالِحُ الْوَجْه إِذا كَانَ عَابِسا باسرًا.
وَقَوله: " لجاءت كأنّ القسور الجون " القسور: الشّجر، وَقيل: إِنَّه شجرٌ بِعَيْنِه، وَقيل فِي قَوْل الله جلّ جَلَاله: " فرَّت مِنْ قَسْوَرَةٍ " " المدثر:51 " أَي من الْأسد، وَقَالُوا: هَذَا من أَسْمَائِهِ، وَقَالَ قائلونَ: هَذَا من لُغَة الْحَبَشَة. قَالُوا: وَهُوَ بِالْعَرَبِيَّةِ، أَسد وبالنبطية أريا، وبالفارسية شير، وبالحبشية قسورة، وَقيل: عَنى بِهِ الشّجر لِأَن الْحمر فرَّت مِنْهُ لما عاينَتْ جماعته، " وَقيل: بَلْ عَنى بذلك الرُّمَاة " وَقيل: إِنَّه عَنى بِهِ ظلمَة اللَّيْل. وَقَوله " الجون " وَصفه بِالسَّوَادِ الَّذِي يدلّ على الرّيّ من شدَّة الخضرة. وَقد قيل فِي قَوْله جلّ ثَنَاؤُهُ " مدهامَّتان " " الرَّحْمَن: 64 " خضراوان من الريّ. وَقيل إِن أَرض السوَاد سميت بِهذا لِكَثْرَة الخضرة بِهَا. وَقيل إِن الجونَ من حُرُوف الأضداد، وَأَنه يُقال للأبيض جون وللأسود جون، وَمِمَّا أَتَى مِنْهُ فِي معنى الْأَبْيَض قَول الشَّاعِر:
يبادِرُ الجونةَ أنْ تغيبا
يَعْنِي الشَّمْس. وَقد يُقال لكل واحدٍ من بَيَاض النَّهَار وَسَوَاد اللَّيْل جون، قَالَ الشَّاعِر:
غيَّر يَا بنتَ الْحُلَيْسِ لَوْني ... مرُّ اللَّيَالِي واختلافُ الجَوْنِ
وسفرٌ كَانَ قَلِيل الأون

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 633
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست