responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 618
وسائد، ثُمَّ طلعت علينا عَجُوز عجفاء كلفاء عَلَيْهَا قرقل هروي أصفر غسيل لم يجدد فِي الصَّبْغ، وَكَأن وركيها فِي خيط من رسحها فَقلت لأبي السَّائِب: بِأبي أَنْت من هَذِه؟ فَقَالَ: اسْكُتْ، فتناولت عودًا فَضربت ثُمَّ غنت:
بيد الَّذِي شعف الْفُؤَاد بكم ... تفريج مَا ألْقى من الْهم
فاستيقني أَنِّي كلفت بكم ... ثمَّ افعلي مَا شِئْت عَن علم
قد كَانَ صرم فِي الْمَمَات لنا ... فعجلت قبل الْمَوْت بالصرم
قَالَ: فتحسنت فِي عَيْني، فَتَلَاهَا نقاء وصفاء فَأذْهب الكلف عَنْهَا وزحف أَبُو السَّائِب وزحفت مَعَه، ثُمَّ تغنت:
برح الخفاء فَأَي مَا بك تكْتم ... ولسوف يظْهر مَا تسر فَيعلم
مِمَّا تضمن من غرير قلبه ... يَا قلب إِنَّك بالحسان لمغرم
بل لَيْت أَنَّك يَا حسام بارضنا ... تلقي المراسي طَائِعا وتخيم
فتذوق لَذَّة عيشنا ونعيمه ... ونكون إخْوَانًا فَمَاذَا تنقم
فَقَالَ أَبُو السَّائِب: إِن نقم هَذَا فأعضه الله بِكَذَا وَكَذَا من أمه، وَلَا يكني. وزحفت مَعَ أَبِي السَّائِب حَتَّى فارقنا النمرقتين، وربت الْعَجْفَاء فِي عَيْني كَمَا يَرْبُو السويق شيب بِمَاء قربةٍ. ثُمَّ غنت:
يَا طول ليلِي أعالج السقما ... إِذا حل كل الْأَحِبَّة الحرما
مَا كنت أخْشَى فراقكم ابدًا ... فاليوم أَمْسَى فراقكم غرما
قَالَ غرير: فألقيت طيلساني مقطع الأزرار، وَأخذت شاذكونة فَوَضَعتهَا قَالَ القَاضِي: أَحْسبهُ قَالَ: على رَأْسِي وَصحت كَمَا يصاح فِي الْمَدِينَة: الدجر بالنوى، وَقَامَ أَبُو السَّائِب فَتَنَاول ربعَة كَانَت فِي الْبَيْت فِيهَا قَوَارِير ودهن فوضعها على رَأسه، وَصَاح صَاحب الْجَارِيَة وَكَانَ ألثغ: قوانيني قوانيني، وحرك أَبُو السَّائِب رَأسه فاصطكت الْقَوَارِير فتكسرت وسال الدّهن على صدر أَبِي السَّائِب وظهره وَقَالَ للعجفاء: لقد هجت لي دَاء قَدِيما، ثُمَّ وضع الربعة. فَكُنَّا نَخْتَلِف إِلَيْهَا حَتَّى بعث عبد الرَّحْمَن بْن مُعَاوِيَة بْن هِشَام بْن عبد الْملك من الأندلس فابتيعت لَهُ الْعَجْفَاء وحملت إِلَيْهِ.

تفسيرات وتوضيحات
قَالَ القَاضِي: قَول الأرقمي فِي هَذَا الْخَبَر اثْنَا عشر ذِرَاعا وَسِتَّة عشرَة ذِرَاعا على لُغَة من ذكر الذِّرَاع والتأنيث فِيهَا أظهر، وَإِن كَانَت اللغتان فِيهَا قد حكيتا.
أنشدنا فِي التَّأْنِيث مُحَمَّد بْن الْقَاسِم الْأَنْبَارِي قَالَ أنشدنا أَبُو الْعَبَّاس عَنْ سَلَمَة عَنِ الْفراء:
أرقى عَلَيْهَا وَهِي فرع أجمع ... وَهِي ثَلَاث أَذْرع وإصبع

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 618
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست