responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 609
غَيْرِ مُحَرَّمٍ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا كَانَتْ صُحُفُ مُوسَى؟ قَالَ: كَانَتْ عِبَرًا كُلَّهَا: عَجِبْتُ لممن أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ ثُمَّ يَفْرَحُ، وَلِمَنْ أَيْقَنَ بِالنَّارِ ثُمَّ يَضْحَكُ، وَلِمَنْ يَرَى الدُّنْيَا وَتَقَلُّبَهَا بِأَهْلِهَا ثُمَّ يَطْمَئِنُّ إِلَيْهَا، وَلِمَنْ أَيْقَنَ بِالْقَدَرِ كَيْفَ يَنْصَبُ، وَلِمَنْ أَيْقَنَ بِالْحِسَابِ ثُمَّ لَا يَعْمَلُ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ فِي الدُّنْيَا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ فِي صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى؟ قَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ، تَقْرَأُ " قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى " الْأَعْلَى: 14 19 قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْصِنِي قَالَ: أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّهُ زَيْنٌ لأَمْرِكَ كُلِّهِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي، قَالَ: عَلَيْكَ بِتِلاوَةِ الْقُرْآنِ وَذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ ذِكْرٌ لَكَ فِي السَّمَاءِ وَنُورٌ لَكَ فِي الأَرْضِ، قُلْتُ: زِدْنِي، قَالَ: عَلَيْكَ بِطُولِ الصَّمْتِ فَإِنَّهُ مَطْرَدَةٌ لِلشَّيْطَانِ وَعَوْنٌ لَكَ عَلَى أَمْرِ دِينِكِ، قُلْتُ: زِدْنِي، قَالَ: إِيَّاكَ وَكَثْرَةَ الضَّحِكِ فَإِنَّهُ يُمِيتُ الْقَلْبَ وَيَذْهَبُ بِنُورِ الْوَجْهِ، قُلْتُ: زِدْنِي، قَالَ: قُلِ الْحَقَّ، وَإِنْ كَانَ مُرًّا، قُلْتُ؛ زِدْنِي، قَالَ: حِبَّ الْمَسَاكِينَ وَجَالِسْهُمْ، قُلْتُ: زِدْنِي، قَالَ: لَا تَخَفْ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ، قُلْتُ: زِدْنِي، قَالَ: لِيَحْجِزْكَ عَنِ النَّاسِ مَا تَعْلَمُ
مِنْ نَفْسِكَ؛ وَلا تَجِدَّ عَلَيْهِمْ فِي مَا تَأْتِي. ثُمَّ قَالَ: كَفَى بِالْمَرْءِ عَيْبًا أَنْ تَكُونَ فِيهِ ثَلاثُ خِصَالٍ: أَنْ يَعْرِفَ مِنَ النَّاسِ مَا يَجْهَلُ مِنْ نَفْسِهِ، وَيَسْتَحْيِي لَهُمْ مِمَّا هُوَ فِيهِ، ويؤذي جليسه فِي مَا لَا يُعينهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ، لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ وَلا وَرَعَ كَالْكَفِّ وَلا حَسَبَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ. نَفْسِكَ؛ وَلا تَجِدَّ عَلَيْهِمْ فِي مَا تَأْتِي. ثُمَّ قَالَ: كَفَى بِالْمَرْءِ عَيْبًا أَنْ تَكُونَ فِيهِ ثَلاثُ خِصَالٍ: أَنْ يَعْرِفَ مِنَ النَّاسِ مَا يَجْهَلُ مِنْ نَفْسِهِ، وَيَسْتَحْيِي لَهُمْ مِمَّا هُوَ فِيهِ، ويؤذي جليسه فِي مَا لَا يُعينهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ، لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ وَلا وَرَعَ كَالْكَفِّ وَلا حَسَبَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ.

تَعْلِيق على خبر أَبِي ذَر
قَالَ القَاضِي: فِي خبر أَبِي ذَر هَذَا أَنْوَاع من الحكم وفوائد من الْعلم والأنباء عَن الْأُمُور الخالية، وإخبار عَن الْأُمُور الْمَاضِيَة، وَفِيه اعتبارٌ لأولي البصائر والعقول، وتنبيه لِذَوي التَّمْيِيز والتحصيل، وَقد روينَا فِي كثير من فصوله رِوَايَات مُوَافقَة لألفاظه ومعانيه، وَآخر مضارعه لما اشْتَمَل عَلَيْهِ من الْأَغْرَاض فِيهِ، وروينا فِي بعض فصوله رِوَايَات مُخْتَلفَة لظَاهِر مَا تضمنه إِلَّا أَنَّهَا إِذا تؤملت رجعت إِلَى التقارب إِذْ اقْتَضَت غَلطا من بعض الروَاة. فَأَما مَا ثَبت أَن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَه وَأخْبر بِهِ فَهُوَ الْحق الَّذِي لَا مرية فِيهِ وَلَا ريب فِي صِحَّته وَالْقطع على حَقِيقَة مغيبة.
قَالَ القَاضِي: وَفِي خبر أَبِي ذَر مَا دلّ على أَن من الْأَنْبِيَاء من أُوتِيَ النُّبُوَّة وَأرْسل إِلَى طَائِفَة، وَمِنْهُم من كَانَ نَبيا غير مُرْسل إِلَى أحد. وَقد قَالَ الله تَعَالَى ذكره: " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ " الْحَج: 52 وَرُوِيَ عَنِ النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قَالَ فِيهِ: " وَلَا مُحدث " وَقَالَ: " إِن مِنْكُم محدثين " وَذكر عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَمن الدُّعَاء الْمُنْتَشِر الْمُسْتَعْمل الظَّاهِر على أَلْسِنَة خَاصَّة الْمُسلمين وعامتهم: اللَّهُمَّ صل على ملائكتك المقربين وعَلى أنبيائك وَالْمُرْسلِينَ، وَظَاهر هَذَا يَقْتَضِي الْفَصْل بَين الْفَرِيقَيْنِ، وَقد أحَال هَذَا بعض المنتسبين إِلَى علم الْكَلَام وَمن يَدعِي لَهُ فريق مفتون بِهِ مغرور بمخاريقه،

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 609
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست