responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 603
الْإِقَامَة على هَذَا المَاء وَالْمَوْت، ثُمَّ حط رَحْله عَن رَاحِلَته وَأسْندَ ظَهره إِلَيْهِ وطأطأ رَأسه إِلَى الأَرْض وَجمع أثوابه عَلَيْهِ، فَإِذا هَاتِف يَهْتِف بِهِ من خَلفه، يسمع صَوته وَلَا يرى شخصه وَهُوَ يَقُول:
يَا أَيهَا الشَّخْص المضل مذْهبه ... وَلَيْسَ مَعَه من أنيس يصحيه
دُونك هَذَا الْبكر خُذْهُ فاركبه ... حَتَّى إِذا اللَّيْل توارى مغربه
بساطع الصُّبْح ولاح كوكبه ... فحط عَنْهُ رَحْله وسبسبه
قَالَ القَاضِي: ويرويى تواري غيهبه، والغيهب الظلمَة. فَالْتَفت وَرَاءه فَإِذا بكر مَعْقُول عَلَيْهِ رَحل، فَوَثَبَ حَتَّى حل عقاله وَصَارَ فِي مَتنه، فَوَثَبَ الْبكر من غير أَن يثيره حَتَّى استقام على الطَّرِيق يسير بِهِ كالبرق الخاطف وكالريح العاصف لَا يلوي على شيءٍ وَلَا يفتر من السّير، حَتَّى إِذا كَانَ فِي وَجه الصُّبْح وَنظر عبيد إِلَى بَيَاض الْحيرَة برك الْبكر فَلم يقم، فاستحثه فَلم يقم، فَقَالَ: إِنَّه لمأمور، وثنى رجله فَنزل عَنْهُ وَولى نَاحيَة فثار الْبكر يجر بزمامه، فَقَالَ عبيد: بكر يسري فِي ليلةٍ واحدةٍ عشر مراحل لَا أسأله مَا أَنْت وَلَا من الَّذِي أرسلك إِلَيّ؟! ثُمَّ أدَار وَجهه إِلَيْهِ وَهُوَ يَقُول:
يَا أَيهَا الْكبر قد أنجيت من كربٍ ... وَمن فيافٍ تضل المدلج الْهَادِي
أَلا أنبت لنا بالْقَوْل نعرفه ... من الَّذِي جاد بالنعماء فِي الْوَادي
اذْهَبْ سليما فقد بلغت مأمننا ... بوركت من ذِي سنامٍ حَامِل حادي
قَالَ: فَأَجَابَهُ الْبكر وَهُوَ يَقُول:
أَنا الشجاع الَّذِي ألفيته رَمضًا ... يُنَازع المَاء من ذِي المورد الصادي
فجدت بِالْمَاءِ لما ضن حامله ... رويت هامي وَلم تولع بإنكادي
الْخَيْر يبْقى وَإِن طَال الزَّمَان بِهِ ... وَالشَّر أَخبث مَا أوعيت من زَاد
قَالَ القَاضِي وَيرى: مَا أوعبت فِي الزَّاد
هَذَا جزاؤك من لَا أَمن بِهِ ... فسر سليما وقاك الله من هاد
فَقَالَ لَهُ الرشيد: أَحْسَنت يَا مفضل، يَا ربيع أعْطه عشْرين ألفا، عشرَة آلَاف لمعرفته بِالْمثلِ وَأَصله، وَعشرَة آلَاف لحسن رِوَايَته لَهُ.
قَالَ القَاضِي: فِي هَذَا الْخَبَر نفقت الرَّاحِلَة وَإِنَّمَا يُقَال نفق الْفرس وتنبل الْبَعِير.
ابْن الزُّبَيْر بنشد مُعَاوِيَة ثَلَاثَة أَبْيَات حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْأَنْبَارِي قَالَ حَدثنِي أبي قل حَدَّثَنِي أَبُو أَحْمَدَ الْعَبَّاسُ قَالَ أَخْبَرَنَا عُمَر بْن مُحَمَّد بْن حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خُبَيْقٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ مُعَاوِيَةُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَنْشِدْنِي ثَلاثَةَ أَبْيَاتٍ غَرِيبَةٍ، قَالَ: أُنْشِدُكَهَا

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 603
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست