responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 577
وَلَيْسَ لعيشنا هَذَا مهاة ... وَلَيْسَت دَارنَا الدُّنْيَا بدار
يرْوى مهاة بتاءٍ فِي الْوَصْل يُوقف عَلَيْهَا بِالْهَاءِ، لِأَنَّهَا للتأنيث، وَهِي فعلة مثل حَصَاة ويروى مهاة على أَن الْهَاء أَصْلِيَّة وَهِي لَام الْفِعْل وَزنهَا فعال مثل سفاه. وَقَوله: أعدلها بالكف أَن تميلا قيل مَعْنَاهُ: عَن أَن تميل، والكوفيون يتأولونه بِمَعْنى لِئَلَّا تميل، وَقَالُوا مثل هَذَا فِي قَوْله تَعَالَى: " وَجَعَلْنَا فِي الأَرْض رواسي أَن تميد بكم " الْأَنْبِيَاء:31 أَنه بِمَعْنى أَلا تميد بكم، وَقَالُوا فِي قَوْله عز وَجل: " يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا النِّسَاء: 176 مَعْنَاهُ أَن لَا تضلوا. وأنشدوا فِي هَذَا قَول الشَّاعِر:
رَأينَا مَا يرى البصراء فِيهَا ... فالينا عَلَيْهَا أَن تباعا
أَي أَن لَا تبَاع.
وَأنكر البصريون هَذَا وَقَالُوا: الْمَعْنى يبين الله لكم كَرَاهِيَة أَن تضلوا وحملوا معنى الْبَيْت على نَحْو هَذَا الْوَجْه.
وَقَوله: إِنَّهَا لحمقاء مرغامة إِن كَانَت الرِّوَايَة هَكَذَا فَهُوَ من المراغمة، وَهِي المشاقة والمخالفة، وَإِن كَانَ الصَّحِيح من الرِّوَايَة مرعامة بِالْعينِ المبهمة فَهُوَ من الرعام وَهُوَ المخاط. رُوِيَ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: صلوا فِي مرابض الْغنم وامسحوا رعامها فَإِنَّهَا من دَوَاب الْجنَّة. فَإِن كَانَت الرِّوَايَة هَكَذَا فَإِنَّهُ وصفهَا بالحمق، تَقول الْعَرَب: أَحمَق يمتخط بكوعه. وَمن قَالَ فِي الْخَبَر مرغامة بالغين الْمُعْجَمَة فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَن يَقُول رغامها بِفَتْح الْيَاء. وَقَوله: لَا تبقى لَهَا حامة أَي طَائِفَة تَطوف لإفنائها خبز بَيتهَا. وَقَوله: وَلكنهَا حسناء فَلَا تفرك زعم أهل الْعلم باللغة أَن الْعَرَب تَقول: فركت الْمَرْأَة زَوجهَا تفركه إِذا أبغضته، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي الرجل إِذا ابغض امْرَأَته: قد صلفت عِنْده، وَلَا يَقُولُونَ فركها. وَقد جَاءَ فِي هَذَا الْخَبَر حسناء فَلَا تفرك فَإِن كَانَ هَذَا الْكَلَام مَحْفُوظًا وَكَانَ رِوَايَة من يضْبط هَذَا ويوثق بنقله ومعرفته فَهُوَ صَحِيح مُسْتَعْمل، مسْقط لقَوْل من زعم أَنه مرفوض مهمل، وَإِن كَانَت الرِّوَايَة غير ثابتةٍ فَمَا ذكره اللغويون الَّذين عنوا بِكَلَام الْعَرَب وميزوا مستعمله من مهمله أولى بإتباعهم وَالْأَخْذ بروايتهم وَإِثْبَات مَا أثبتوه وَنفي مَا نفوه وأسقطوه. وَقد قيل إِن امْرأ الْقَيْس كَانَ مفركًا أَي تبْغضهُ النِّسَاء، وَيُقَال امْرَأَة فارك كَمَا قَالَ متمم بْن نُوَيْرَة:
أَقُول لهندٍ حِين لم أَرض فعلهَا ... أَهَذا دلال الْعِشْق أم فعل فارك
وَيجمع الفارك فوارك، مثل قَاعد وقواعد، وَطَالِق وطوالق، وطاهر وطواهر، كَمَا قَالَ ذُو الرمة:
إِذا اللَّيْل عَن نشزٍ تجلى رمينه ... بأبصار أَمْثَال النِّسَاء الفوارك
وَهَذَا من الْجمع المطرد فِي الْعَرَبيَّة سَمَاعا وَقِيَاسًا.

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 577
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست