responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 543
وَيَسْأَلُ النَّاسُ حُقُوقَهُمْ فَلا يُعْطَوْنَهَا، فَيَقْتَتِلُونَ وَيُفْتَتِنُونَ، فَيَتَّبِعُ الْقُرَّاءُ هَوَى الأُمَرَاءِ فَيَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ، قُلْتُ: فَبِمَ يَسْلَمُ مَنْ سَلِمَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: بِالْكَفِّ وَالصَّبْرِ، إِنْ أُعْطُوا الَّذِي لَهُمْ أَخَذُوهُ وَإِنْ مُنِعُوهُ تَرَكُوهُ.

الْجريرِي يستغيث بِاللَّه من الظُّلم والظلمة
قَالَ القَاضِي: قد رَأينَا مَا قدم نَبينَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم الْإِخْبَار بِهِ وشاهدناه وَظهر لنا مَا أَنبأَنَا بِهِ وعايناه ومنعنا الَّذِي لنا فصبرنا، وليت مَا نعنا حثنا والمستبد بِهِ اقْتصر على مَا أَتَاهُ وَلم يتجاوزه إِلَى اغتصاب التالد والطريف من أَمْوَالنَا بالخبط والعسف والتعذيب والعنف، وَلم يتخطه إِلَى تكليفنا مَا لَا نقدر عَلَيْهِ وَلَا نصل إِلَيْهِ، فَإلَى الله المشتكى والملتجأ، وَهُوَ المستغاث المرتجى، بعدله نستجير من جور من غلبنا على أقواتنا فشبع بهَا وأجاعنا، وَحفظ بهَا نَفسه وأضاعنا، فَإِنَّهُ قاصم العتاة المترفين، وَعَاصِم العناة الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَمَا هُوَ بغافل عَمَّا يعْمل الظَّالِمُونَ. وَقد " قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا من يَشَاء من باده وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ " الْأَعْرَاف: 128129 اللَّهُمَّ وَإِنَّا أَصْبَحْنَا مستغيثني بك فصبرنا على بلائك ووفقنا لشكر آلَائِكَ وألهمنا تقواك حَتَّى تكون الْعَاقِبَة لنا واستنقذنا من عَدوك وعدونا إِنَّك رؤوف رَحِيم جواد كريم. فَأَما ممالأة قراء السوء أشكالهم من أمرائهم فقد ظللنا مِنْهُ فِي أَمر عَظِيم وخطب جسيم، وَصَارَ من يعتزي إِلَى تِلَاوَة الْقُرْآن ويدعى لَهُ علم شرائع الْإِيمَان مِمَّن لَيْسَ عِنْده مِمَّا ينْسب إِلَيْهِ إِلَّا ادعاؤه وَقد تموه لَهُ بجده وامتحان الْعباد بِهِ مَا يظنّ أَنه حَاصِل لَهُ وَإِن كَانَ صفرًا مِنْهُ، وَمِنْهُم من قد جعل الزخرفة والغلط والهجر لَهُ صفة معرضة الَّذِي يُدَلس بِهِ نَفسه، ويوهم الْجُهَّال أَن وَرَاء مَا يظهره مَا يضاهي مَا اغتروا بِهِ، وَمِنْهُم من قد اتّفق لَهُ من بعض المترفين وجهله المتعلمين قبُول لَهُ وصبابة نَحوه، واطراح الدَّين شَامِل لهَذِهِ الْفرق الْمُتَقَدّمَة المفتتن بهَا، وَالله نسْأَل إدالة أوليائه وَإِزَالَة أعدائه.

الجمانة الكنانية تقع فِي حب حممة
حَدثنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن دُرَيْد قَالَ أَخْبرنِي عمي الْحُسَيْن بْن دُرَيْد عَن أَبِيه قَالَ حَدَّثَنَا هِشَام بْن مُحَمَّد بْن السَّائِب الْكَلْبِيّ وَعَن أبي مسكني عَن عبد الرَّحْمَن بْن مغراء أَبِي زُهَيْر الدوسي قَالُوا: كَانَ حممة بْن رَافع بْن الْحَارِث الدوسي من أجمل الْعَرَب وَكَانَت لَهُ جمة يُقَال لَهَا الرّطبَة كَانَ يغسلهَا بِالْمَاءِ ثُمَّ يعقصها وَقد احتقن فِيهَا المَاء، فَإِذا مضى لَهَا يَوْمَانِ حلهَا ثُمَّ يعصرها فَيمْلَأ جلساءه، فحج على فرسٍ لَهُ، فَنَظَرت إِلَيْهِ الجمانة الكنانية وَهِي خناس، وَكَانَت عِنْد رجل من بني كنَانَة يُقَال لَهُ ابْن الحمارس فَوَقع بقلبها، فَقَالَت لَهُ: من أَنْت؟ فو الله مَا أَدْرِي أوجهك أحسن أم شعرك أم فرسك، مَا أَنْت بالنجي الثلب، وَلَا التهامي الترب، فاصدقني، قَالَ: أَنا امْرُؤ من الأزد من دوس، ومنزلي ببروق، قَالَت: فَأَنت أحب النَّاس إِلَيّ، وَقد وَقعت فِي نَفسِي فَاحْمِلْنِي مَعَك، فأردفها خَلفه وَمضى إِلَى بَلَده، فَلَمَّا أوردهَا أرضه قَالَ: قد علمت هربك معي كَيفَ كَانَ؛ وَالله لَا تهربين بعدِي إِلَى رجل أبدا، فَقطع عرقوبيها، فَولدت لَهُ عَمْرو بْن حممة، وَكَانَ سيداص، وَولد عَمْرو بْن حممة الطُّفَيْل بْن عَمْرو ذَا النُّور، وَفد عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالُوا: وَخرج زَوجهَا ابْن الحمارس فِي طلبَهَا فَلم يقدر عَلَيْهَا فَرجع وَهُوَ يَقُول:
أَلا حَيّ الخناس على قلاها ... وَإِن شحطت وَإِن بَعدت نَوَاهَا
تبدلت الطبيخ وَأَرْض دوسٍ ... بهجمة فَارس حمرٍ ذراها
وَقد خبرتها جاعت وذلت ... وَأَن الْحر من طود شواها
وَقد خبرتها نحلت ركيا ... وأثوارا معرقة شواها
وَقد أنبئتها ولدت غُلَاما ... فَلَا شب الْغُلَام وَلَا هناها
فَلَمَّا أنْشد عمر بْن الْخطاب هَذَا الشّعْر قَالَ: قد وَالله شب الْغُلَام وَقد هناها.
قَالَ القَاضِي: قَوْلهَا: " مَا أَنْت بالنجدي الثالب وَلَا

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 543
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست