responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 532
الْمُؤمنِينَ، قَالَ: وَيحك مَتى كنت فِي هَذِه الْمَدِينَة؟ قلت: آنِفا دَخَلتهَا فِي الْوَقْت الَّذِي علم بِي أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ: أَجْلِس وَيحك يَا ابْن جَامع، وَجلسَ أَمِير المؤمين وجعفر بْن يحيى فِي بعض تِلْكَ الْمجَالِس الفرغ وَقَالَ لي: يَا ابْن جَامع، أبشر وأبسط أملك، فدعوت لَهُ دعواتٍ ثُمَّ قَالَ: عَن يَا ابْن جَامع، قَالَ: فخطر بقلبي صَوت الْجَارِيَة المدينية، فَقلت للرجل: أصلح عودك وارفع طبقته، قَالَ: فَعلم مَا أُرِيد فوزن الْعود وزنا، وتعهدته حَتَّى استقامت الأوتار وَأخذت الدساتين موَاضعهَا، وانبعثت أُغني بصوتٍ الْجَارِيَة الْحُمَيْرَاء، فَنظر أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى جَعْفَر بْن يحيى فَقَالَ لَهُ: أسمعت كَذَا قطّ؟ قَالَ: لَا وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا سَمِعت وَلَا خرق سَمْعِي مثله قطّ، وَلَا ظَنَنْت أَن الله عز وَجل خلق على وَجه الأَرْض مثل مَا أسمع، قَالَ فَرفع الرشيد رَأسه إِلَى خَادِم بِالْقربِ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ: كيس فِيهِ ألف دينارٍ قَالَ: فَمضى الْخَادِم فَلم يلبث أَن عَاد بكيسٍ فِيهِ ألف دينارٍ، فصيرته تَحت فَخذي ودعوت لأمير الْمُؤمنِينَ، فَقَالَ لي: يَا ابْن جَامع رد على أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذَا الصَّوْت، فرددته وتزيدت فِي غنائي وأعانني على ذَلِك اسْتِوَاء الأوتار، قَالَ: فَنظر جَعْفَر إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ: يَا سَيِّدي أما تسمعه كَيفَ يتزايد فِي الْغناء؟ هَذَا خلاف الَّذِي سمعنَا أَولا، على أَن الْأَمر فِيهِ وَاحِد، قَالَ: فَرفع الرشيد رَأسه إِلَى الْخَادِم فَقَالَ: كيس فِيهِ ألف دِينَار، فَمضى الْخَادِم وَجَاء بكيس فِيهِ ألف دِينَار فَرمى بِهِ إِلَيّ فصيرته تَحت فَخذي، ثُمَّ قَالَ لي أَمِير الْمُؤمنِينَ: تغن مَا حضرك، فَأَقْبَلت أقصد إِلَى الصَّوْت بعد الصَّوْت مِمَّا كَانَ يبلغنِي أَنه يَشْتَرِي عَلَيْهِ الْجَوَارِي فأغنيه، فَلم أمزل أفعل ذَلِك إِلَى أَن عسعس اللَّيْل، فَقَالَ: يَا إِسْمَاعِيل قد أتعبناك فِي هَذِه اللَّيْلَة لسروري بغنائك، فتعيد عَليّ الصَّوْت الَّذِي تَغَنَّيْت بِهِ أَولا يَعْنِي صَوت الْجَارِيَة فغنيته إِيَّاه، فَرفع رَأسه إِلَى الْخَادِم فَقَالَ: كيس فِيهِ ألف دِينَار، وَذكرت قَول الْجَارِيَة: إِنِّي أحسبك تَأْخُذ عَلَيْهِ ألف دِينَار وَألف دِينَار وَألف دينارٍ، فَكَانَ مني شبه التبسم، ولحظني من بَين الشمع فَقَالَ لي: مِم تبسمت؟ قَالَ: فجثوت على ركبتي ثُمَّ قلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ الصدْق منجاة، فَقَالَ لي بانتهار: قل، فَحَدَّثته حَدِيث الْجَارِيَة فَقَالَ: صدقت قد يكون هَذَا وأعجب مِنْهُ؛ ثُمَّ قَالَ لي: انْصَرف مودعًا، فَقُمْت لَا أَدْرِي إِلَى أَيْن انفذ ذَلِك الْوَقْت، فَمَا هُوَ إِلَّا أَن نزلت من الأسرة حَتَّى وثب إِلَيّ غفيران من الفراشين، فَأخذ أَحدهمَا بيَدي المينى وَالْآخر باليسرى ومضيا بِي لَا أَدْرِي أَيْن يتوجهان بِي، حَتَّى وَقفا بِي على بَاب دَاري هَذِه، فَإِذا أَمِير الْمُؤمنِينَ قد أَمر سَلاما فَابْتَاعَ لي هَذِه الدَّار وحول أَهلهَا، وحشيت بالفرش والوصائف والوصفاء وَالطَّعَام وَالشرَاب، وَدفع إِلَيّ أَحدهمَا إضبارة مَفَاتِيح وَقَالَ لي: ادخل بَارك الله لَك فِيهَا، وَهَذَا مِفْتَاح بَيت كَذَا، وَهَذَا مِفْتَاح بَيت مَالك، وَهَذَا مِفْتَاح سُبْرَة الْجَوَارِي، وَهَذَا مِفْتَاح بَيت فرشك وآنتيك، وأوقفني على مَا أردْت، فَأَصْبَحت وَأَنا من مياسير أهل بَغْدَاد، ودخلتها وَأَنا أفقر أَهلهَا، وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين.

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 532
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست