responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 502
الْمُطَّلِبِ، وَذَاكَ أَنَّ الرَّجُلَ مِنَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْعَجَمِ، مِمَّنْ كَانَ يَقْدَمُ مَكَّةَ بِتِجَارَتِهِ رُبَّمَا ظَلَمُوا ثَمَنَهَا، وَكَانَ آخِرَ مَنْ ظُلِمَ رَجُلٌ مِنْ زُبَيْدٍ مِنْ مَذْحِجٍ، وَقَدِمَ بسلعةٍ لَهُ فَبَاعَهَا مِنَ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ، وَكَانَ شَرِيفًا عَظِيمَ الْقَدْرِ فَظَلَمَهُ ثَمَنَهَا، فَنَاشَدَهُ الزُّبَيْدِيُّ فِي حَقِّهِ فَأَبَى عَلَيْهِ، فَأَتَى الزُّبَيْدِيُّ الأَحْلافَ: عَبْدَ الدَّارِ وَمَخْزُومًا وَجُمَحَ وَسَهْمًا وَعَدِيَّ بْنَ كَعْبٍ فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُوهُ عَلَى الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ وَزَبَرُوهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الزُّبَيْدِيُّ أَوْفَى عَلَى أَبِي قبيسٍ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقُرَيْشٌ فِي أَنْدِيَتِهَا حَوْلَ الْكَعْبَةِ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ:
يَا آلَ فِهْرٍ لمظلومٍ بِضَاعَتَهُ ... بِبَطْنِ مَكَّةَ نَائِيَ الدَّارِ وَالنَّفَرِ
ومحرمٍ أشعثٍ لَمْ يَقْضِ عُمْرَتَهُ ... يَا لِلرِّجَالِ وَبَيْنَ الْحِجْرِ وَالْحَجَرِ
هَلْ مُخْفَرٌ مِنْ بَنِي سهمٍ بِخَفْرَتِهِ ... فَعَادِلٌ أَمْ ضَلالٌ مَا لِمُعْتَمِرِ
إِنَّ الْحَرَامَ لِمَنْ تَمَّتْ حَرَامَتُهُ ... وَلا حَرَامَ لِثَوْبِ الْفَاجِرِ الْغُدَرِ
فَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: مَا لِهَذَا مَتْرَكٌ؛ فَاجْتَمَعَتْ هَاشِمٌ وَزُهْرَةُ وَتَيْمُ بْنُ مُرَّةَ وَأَسَدُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى فِي دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ، فَصَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا وَتَحَالَفُوا فِي ذِي الْقَعْدَةِ، فِي شهرٍ حَرَامٍ، وَتَعَاهَدُوا وَتَعَاقَدُوا بِاللَّهِ الْقَائِمِ لَيَكُونُنَّ يَدًا وَاحِدَةً مَعَ الْمَظْلُومِ عَلَى الظَّالِمِ حَتَّى يُرَدَّ إِلَيْهِ حَقُّهُ، مَا بَلَّ بَحْرٌ صُوفَةً، وَمَا رَسَا ثَبِيرٌ وَحِرَاءٌ مَكَانَهُمَا. فَسَمَّتْ قُرَيْشٌ ذَلِكَ الْحِلْفَ حِلْفَ الْفُضُولِ، وَقَالُوا: لَقَدْ دَخَلَ هَؤُلاءِ فِي فَضْلٍ مِنَ الأَمْرِ، ثُمَّ مَشَوْا إِلَى الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ فَانْتَزَعُوا سِلْعَةَ الزُّبَيْدِيِّ مِنْهُ فَدَفَعُوهَا إِلَيْهِ؛ قَالَ ابْنُ مَخْلَدٍ: بَعْضُ هَذَا الْحَدِيثِ لَمْ أَفْهَمْهُ مِنَ ابْنِ شَبِيبٍ وَثَبَّتْنِي فِيهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا.

يَا للكهول وللشبان
قَالَ القَاضِي رَحمَه الله: قَوْله فِي الْبَيْت الثَّانِي يَا للرِّجَال بِفَتْح اللَّام وَهِي التييسميها النحويون لَام الاستغاثة، يُقَال يَا للْقَوْم للْمَاء فتفتح لَام الْمَدْعُو وتكسر اللَّام فِي المَاء لِأَنَّهُ الْمَدْعُو إِلَيْهِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
يَا للرِّجَال ليَوْم الْأَرْبَعَاء أما ... يَنْفَكّ يحدث لي بعد النَّهْي طَربا
وَإِذا قَالُوا: يَا للْعَرَب وللموالي فتحت اللَّام الأولى وَكسرت الثَّانِيَة لِأَن الأولى فتحت لتفيد معنى الاستغاثة ثُمَّ كسرت الثَّانِيَة لما علم أَنَّهَا معطوفة عَلَيْهَا، كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
يبكيك ناءٍ بعيد الدَّار مغترب ... يَا للكهول وللشبان للعجب
وَذهب بَعضهم إِلَى أَن الأَصْل فِي يَا لبكرٍ وَيَا لتميم: يَا آل بكر وَيَا آل تَمِيم، وَترك الْهَمْز فِيهِ تَخْفِيفًا، وَمِمَّنْ كَانَ يرى هَذَا الرياشي، وَأول أَبْيَات التَّمِيمِي فِي هَذَا الْخَبَر مِمَّا للرياشي فِيهِ مُتَعَلق، وَذَلِكَ قَوْله يَا آل فهر وللبصريين والكوفيين من النَّحْوِيين فِي الِاحْتِجَاج لقَولهم والمحاجة لمن خَالف مَا عَلَيْهِ جمهورهم كَلَام واستشهاد بِالْقِيَاسِ، وأتى فِيهِ من الشّعْر مَا تطول حكايته، وَله مَوضِع هُوَ أولى بِهِ.

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 502
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست