responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 483
مِنْ خَيْرِ مَنْ يَمْشِي بساقٍ وَقَدَمِ
قَالَ: فَحَمَلَ عَلَيَّ وَهُوَ يَقُولُ:
أَنَا ابْنُ ذِي الأَقْيَالِ أَقْيَالِ الْبُهَمْ ... مَنْ يَلْقَنِي يُودَ كَمَا أُودَتْ إِرَمْ

أَتْرُكْهُ لَحْمًا عَلَى ظَهْرٍ وَضَمْ
قَالَ: وَاخْتَلَفْنَا ضَرْبَتَيْنِ، فَأَضْرِبُهُ أَحْذَرَ مِنَ الْعَقْعَقِ، وَيَضْرِبُنِي أَثْقَفَ مِنَ الْهِرِّ، فَوَقَعَ سَيْفُهُ فِي قَرَبُوسِ سَرْجِي فَقَطَعَهُ، وَعَضَّ كَاثِبَةَ الْفَرَسِ، فَوَثَبْتُ عَلَى رِجْلِي قَائِمًا وَقُلْتُ: يَا هَذَا مَا كَانَ يَلْقَانِي مِنَ الْعَرَبِ إِلا ثَلاثَةٌ: الْحَارِثُ بْنُ ظَالِمٍ لِسِنِّهِ وَالتَّجْرِبَةِ، وَعَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ لِلشَّرَفِ وَالنَّجْدَةِ، وَرَبِيعَةُ بْنُ مُكَدَّمٍ لِلْحَيَاءِ وَالْبَأْسِ، فَمَنْ أَنْتَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ؟ قَالَ: بَلْ مَنْ أَنْتَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ؟ قُلْتُ: أَنَا عَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرِبَ الزُّبَيْدِيُّ، قَالَ: وَأَنَا رَبِيعَةُ بْنُ مُكَدَّمٍ، قُلْتُ: اخْتَرْ مِنِّي إِحْدَى ثَلاثِ خِصَالٍ: إِمَّا أَنْ نَتَضَارَبَ بِسَيْفَيْنَا حَتَّى يَمُوتَ الأَعْجَزُ؛ وَإِمَّا أَنْ نَصْطَرِعَ فَأَيُّنَا صَرَعَ صَاحِبَهُ قَتَلَهُ، وَإِمَّا الْمُسَالَمَةَ، قَالَ: ذَاكَ إِلَيْكَ فَاخْتَرْ، قُلْتُ: إِنَّ بِقَوْمِكَ إِلَيْكَ حَاجَةً وَبِقَوْمِي إِلَيَّ حَاجَةً، وَالْمُسَالَمَةُ أَوْلَى وَخَيْرٌ لِلْجَمِيعِ. ثُمَّ أَخَذْتُ بِيَدِهِ فَأَتَيْتُ بِهِ أَصْحَابِي وَقُلْتُ لَهُمْ: خَلُّوا مَا بِأَيْدِيكُمْ قَالُوا: يَا أَبَا ثَوْرٍ غَنِيمَةٌ بَارِدَةٌ بِأَيْدِينَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَتْرُكَهَا؟ فَقُلْتُ لَهُمْ: لَوْ رَأَيْتُمْ مَا رَأَيْتُ لَخَلَّيْتُمْ وَزِدْتُمْ، خَلُّوا وَسَلُونِي عَنْ فَرَسِي مَا فَعَلَ؛ قَالَ: فَتَرَكْنَا مَا بِأَيْدِينَا وَانْصَرَفْنَا رَاجِعِينَ.

معنى الْغَنِيمَة الْبَارِدَة
قَالَ القَاضِي: فِي قَوْله: غنيمَة بَارِدَة وَجْهَان: أَحدهمَا أَنَّهَا الْغَنِيمَة الَّتِي لم ينل غانمها حر السِّلَاح وحازوها سَالِمين ظَاهِرين موفورين غير مكلومين، وَقد يكون الْبرد فِي هَذَا القَوْل بِمَعْنى الطُّمَأْنِينَة والراحة كَمَا يُقَال: اللَّهُمَّ أذقنا برد عفوك، وَمِنْه برد الْيَقِين بِمَعْنى الطُّمَأْنِينَة والسكون، وَيَقُولُونَ برد الْمَيِّت أَي سكن. وَالْوَجْه الثَّانِي أَن الْغَنِيمَة الْبَارِدَة هِيَ المستقرة الْحَاصِلَة والمحوزة الثَّابِتَة من قَوْلهم: مَا برد بيَدي من هَذَا شَيْء، أَي مَا حصل وَلَا ثَبت، كَمَا قَالَ الراجز:
الْيَوْم يَوْم بَارِد سمومه ... من عجز الْيَوْم فَلَا تلومه
أَي ثَابت سمومه. وَقد أنشدنا مُحَمَّد بْن الْقَاسِم الْأَنْبَارِي:
عافت الشّرْب فِي الشتَاء فَقُلْنَا ... برديه تصادفيه سخينا
على وَجْهَيْن: برديه أَي أحبسيه وأقريه لينكسر برده، وَالْآخر بل رديه من الْورْد، فأدغم اللَّام فِي الرَّاء، وَهَذَا كثير فِي كَلَام الْعَرَب، والإظهار هَاهُنَا قَلِيل فِي السماع ضَعِيف فِي الْقيَاس، وَإِن كَانَ بَعضهم قد أظهر، وَقد رُوِيَ عَن حَفْص بْن سُلَيْمَان الْأَسدي عَن عَاصِم بْن أَبِي النجُود " بَلْ رَانَ " المطففين: 14 بالإظهار.

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 483
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست