responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 440
فَلَمَّا بَلَغَتْ خُفَافًا قَالَ: عَرَفَ وَاللَّهِ الْعَبَّاسُ خَطَأَ مَا رَكِبَ، الآنَ لَمَّا فَدَحَتْهُ الْحَرْبُ وَاحْتَمَلَ ثِقَلَ الدِّمَاءِ أَنْشَأَ يُظْهِرُ النَّدَامَةَ، لَا وَاللَّهِ مَا اخْتَلَفَتِ الدُّرَّةُ وَالْجَرَّةُ حَتَّى يَبُوءَ بعذرٍ أَوْ يَلْبَسَ ثَوْبَ ذلٍ، وَقَالَ:
أَعَبَّاسُ إِمَّا كَرِهْتَ الْحُرُوبَ ... فَقَدْ ذُقْتَ مِنْ حَرِّهَا مَا كَفَى
وَأَلْقَحْتَ حَرْبًا لَهَا دُرَّةً ... زبَوُنًا تَسَعُّرُهَا بِاللَّظَى
وَلَمَّا تَرَقَّيْتَ فِي غَيِّهَا ... دُحِضْتَ وَزَلَّ بِكَ الْمُرْتَقى
وَأَصْبَحْتَ تَبْكِي عَلَى زلةٍ ... وَمَاذَا يَرُدُّ عَلَيْكَ الْبُكَا
فَإِنْ كُنْتَ أَخْطَأْتَ فِي حَرْبِنَا ... فَلَسْنَا مُقِيلِيكَ ذَاكَ الْخَطَا
وَإِنْ كُنْتَ تَطْمَعُ فِي صُلْحِنَا ... فَحَاوِلْ ثَبِيرًا وَرُكْنَيْ حِرَا

شرح النَّص
قَالَ القَاضِي أَبُو الْفرج: قَول الْعَبَّاس بْن مرداس: وأخمصهم من أذاها بَطنا: من المخمصة، وَهِي المجاعة، وخمص الْبَطن اضطماره، يُقَال: بطن خميص، قَالَ الله تَعَالَى: " فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مخمصةٍ " الْمَائِدَة:3 وَمن الخمص قَول أعشى بني قَيْس بْن ثَعْلَبَة:
تَبِيتُونَ فِي المَشْتَى مِلاءً بُطُونكُمْ ... وجاراتكم غبر يبتن خمائصا
ويروى غرثى أَي جياعًا. وَيُقَال: امْرَأَة خمصانة إِذا دق خصرها. وَقَالَ الشَّاعِر:
خمصانة قلق موشحها ... رَود الشَّبَاب غلابها عظم
وَقَوله: منفضج الْبَطن أَرَادَ خلوه من أذاها. وَقَوله: أفيء عَلَيْهَا النهاب أَي أرده وَيتَّجه فِي مدحه نَفسه برده النهاب على قومه وَجْهَان: أَحدهمَا أَن يستعيد مَا انتهب من أَمْوَالهم فَيردهُ عَلَيْهِم، وَالْآخر أَنه يعف عَن غنائمهم وَلَا يستأثر بهَا فيحويها لنَفسِهِ دونهم، كَمَا قَالَ عنترة:
يُخْبِرك من شهد الوقيعة أنني ... أغشى الوغي وأعف عِنْد الْمغنم
وَيُقَال: فَاء الشَّيْء إِذا رَجَعَ. وأفاء الرجل الشَّيْء على غَيره أَي رده عَلَيْهِ، قَالَ الله تَعَالَى: " مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى " الْحَشْر: 7 أَي مَا رده؛ وَمن الْفَيْء قَول امْرِئ الْقَيْس:
تيممت الْعَيْنَ الَّتِي عِنْدَ ضَارِجٍ ... يَفِيءُ عَلَيْهَا الظل عرمضها طامي
والفيئة الرّجْعَة. وَقَوله: وَيرجع من ودها مَا نأى، قد عطفه على قَوْله: فَإِن تعطف الْيَوْم، وَوجه الْإِعْرَاب فِيهِ الْجَزْم، إِذْ هُوَ مَعْطُوف على المجزوم على مَا يجب فِي بَاب الْجَزَاء إِلَّا أَنه لما لم يجد بدا من الْحَرَكَة لتَمام وزن الْبَيْت نوى النُّون الْخَفِيفَة كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
اضْرِب عَنْك الهموم طارقهاضربك بِالسَّيْفِ
قونس الْفرس

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 440
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست