responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 434
إِنَّه يطْلب بيض الأنوق. وَقد رُوِيَ لنا أَن رجلا سَأَلَ مُعَاوِيَة حَاجَة معتاصة مستثقلة فَرده عَنْهَا، فَسَأَلَهُ حَاجَة هِيَ أيسر مِنْهَا إِلَّا أَن فِيهَا استصعابًا، فَقَالَ مُعَاوِيَة:
طلب الأبلق العقوق فَلَمَّا ... لم ينله أَرَادَ بيض الأنوق
والأبلق: الْفرس، والعقوق: ذَات الْحمل، وَذَلِكَ فِي الذّكر مُسْتَحِيل. وبيض الأنوق مَا فسرنا؛ فَلَمَّا طلب هَذَا الرجل أمرا مستبعدًا لَا سَبِيل إِلَيْهِ، ثُمَّ طلب مَا ينَال على صعوبةٍ لما منع مَا لَا مطمع لَهُ فِيهِ، ضرب مُعَاوِيَة هَذَا الْبَيْت مثلا لَهُ. وَهَذَا من الْمِثَال الْقَرِيب والتشبيه الْمُصِيب. وَأما العيوق فنجم عالٍ مَعْرُوف. وَأما قَوْله: لست بالفه: فَمَعْنَى الفهاهة فِي الْكَلَام مَا يَأْتِي على غير استقامةٍ، وَيُقَال: أَتَى فلَان فِي قَوْله بفهةٍ، أَي بقولٍ ساقطٍ فِي لَفظه وَمَعْنَاهُ. وَأما الكهام فالكليل، يُقَال: سيف كهام إِذا كَانَ نابيًا كليلا. وَأما الهلباجة فالأحمق. وَأما النثر فذو الرَّأْي السخيف واللب الضَّعِيف. كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
هذريان هذر هذاءة ... موشك السقطة ذولب نثر
وَأما قَول مُعَاوِيَة: لم يبر فِي سباق: أَي لم يسْبق مجاريًا فيفضله وَيظْهر غلبته إِيَّاه، يُقَال: أبر فلَان على فلانٍ إِذا غَلبه وَزَاد فِي الْفضل عَلَيْهِ، يبر إبرارًا فَهُوَ مبر، كَمَا قَالَ ذُو الرمة يمدح بِلَال بْن أَبِي بردة:
أبر على الْخُصُوم فَلَيْسَ خصم ... وَلَا خصمان يغلبه جدالا
وَلبس بَين أقوامٍ فَكل ... أعد لَهُ الشغازب والمحالا
قَالَ القَاضِي أَبُو الْفرج: الشغازب: جمع شغزبةٍ وَأَصله أَن يدْخل الرجل رجله بَين رجْلي الرجل فيصرعه، يُقَال: صرعه شغزبية. والمحال الكيد وَالْمَكْر، من قَول الله تَعَالَى: " وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ " الرَّعْد:13 وَأما قَوْله: وَلَا ضرب فِي سِيَاق فَمَعْنَاه أَنه لم يرض فيحتنك وَلم يُؤْخَذ بالتثقيف ولذع التَّأْدِيب فتستحكم عزيمته وتستحصد مرته. وَأما قَول ابْن الزُّبَيْر: " من سَاكِني الْحجُون والآطام ": فَإِن الْحجُون مَوضِع بِمَكَّة مَعْرُوف وإياه عني الشَّاعِر بقوله:
كَأَن لم يكن بَين الْحجُون إِلَى الصَّفَا ... أنيس وَلم يسمر بِمَكَّة سامر
وَقَالَ آخر:
هيجتني إِلَى الْحجُون شجون ... ليته قد بدا لعَيْنِي الْحجُون
وَأما الْآطَام فَإِنَّهَا جمع أَطَم، وَالْعرب تسمي مَا كَانَ من الْبيُوت مربعًا كَعبه، وَمَا كَانَ مدورًا أطمًا. وَأما الجفير فَإِنَّهُ الكنانة، وَجمعه جفر، قَالَ الشماخ:
وَخفت نَوَاهَا من جنوبٍ عنيزةٍ ... كَمَا خف من نبل المرامي جفيرها
وَحكى أَبُو عُبَيْدَة عَن أَبِي عَمْرو: الكنانة جعبة السِّهَام، والكنانة هِيَ الوفضة وَجَمعهَا وفاض؛ الْكسَائي مثله؛ الْأَحْمَر: الجفير والجشير جَمِيعًا الوفضة أَيْضا.

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 434
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست