responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 382
أوّلُ مكسٍ وضع فِي الأَرْض
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الجهم أَبُو طَالِب الْكَاتِب، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بْن عَبْد اللَّه الترفقي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يُوسُف القربان، عَنْ سُفْيَان، عَنْ أَبِي إِسْحَاق، قَالَ: سَمِعْتُ هِشَام بْن الْحَارِث يَقُولُ: أوّلُ مكسٍ وُضع عَلَى وَجه الأَرْض، خرجت عجوزٌ على عهد سُلَيْمَان النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَهَا دقيقٌ لَهَا فسكبتْهُ الرِّيحُ فَذَرّتْه، فأتَت سُلَيْمَان تَسْتَعدِي عَلَى الرّيح، فَقَالَ: انْظُرُوا من طابتْ لَهُ الرِّيحُ الْيَوْم فِي الْبَحْر فأغرموه دقيقها.
قَالَ: القَاضِي رحِمَه اللَّه: الَّذِي أَتَتْ بِهِ شَرِيعَة النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا أَن لَا عِوَض مِمَّا تَذْرُوه الرّيح عَلَى من طابَتْ لَهُ وعَلى من لَمْ تَطِبْ لَهُ وشريعةُ نبيِّنا هِيَ المأخوذُ بهَا إِلَى يوْم الْقِيَامَة وَمَا خَالف شَيْئا مِنْهَا فِي الصُّورَةِ من شرائع الْأُمَم الخالية والقرون الْمَاضِيَة فَهُوَ مَنْسُوخ بِمَا أَتَتْ، وَهَذَا الْخَبَر لَمْ يَأْتِ من طَرِيق يَنْقَطِع الْعُذْر بِهِ وَيقطع عَلَى مغيّبة، وَلا عُزِي إِلَى من تجب الْحُجَّةُ بقوله، وَإِن ثَبت أَن نَبِيَّ اللَّه سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام قضى هَذِه الْقَضِيَّة، فَإِنَّهَا كَانَتْ هَكَذَا فِي شَرِيعَته إِذْ هُوَ نبيُّ معصومٌ وَلا يقْضِي بِغَيْر الْحق، وَلا يحكُم بِخِلَاف الْعدْل، وَقَدْ قَالَ اللَّه جلّ ذكره: " لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا، وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أمةٌ وَاحِدَةً وَلَكِنْ ليَبْلُوكُمْ فِيمَا آتَاكُم "، وقَالَ: جلّ ثَنَاؤُهُ: " تِلْكَ أمةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يعْملُونَ ".
قَالَ القَاضِي: وَلَم يَكُنْ من الصَّواب عِنْدِي أَن يُعَبَّر فِيمَا أَتَى بِهِ هَذَا الْخَبَر بالمكس، إِذْ المكسُ مَا يأخُذُ الظَّالِمُونَ من العَشَّارِين وَغَيْرُهُمْ من الْمُسْلِمِين قسراً بِغَيْر وَجه حق وَقَدْ رُوي عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بعض الزُّنَاةِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ قَالَ: " لقَدْ تَابَ هَذَا تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مكسٍ لَغُفِرَ لَهُ "، وَفِي بعض الْمُحَرَّمات: " مَنْ فعل هَذَا كَانَ عَلَيْه من الْإِثْم مثل مَا عَلَيْه صَاحب مَكْس "، وكل هَذَا ينبىء عَنْ عَظِيمِ إِثْمِ الْمَكْسِ، وَفِي المكس قَول الشَّاعِر:
وَفِي كُلّ أسْوَاقِ الْعرَاق إتاوةٌ ... وَفِي كُلّ مَا بَاعَ امْرُؤ مَكْسُ دِرْهَم

المجلِسُ الثَّانِي والخمسُونْ
مُكَافَأَةٌ قَيِّمَةٌ على تَصْحِيح كَلِمَةٍ مِنْ حَدِيثٍ شَرِيفٍ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ أَبِي الْأَزْهَر الخراعي، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر بْن بكار، قَالَ: حَدَّثَنِي النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمَأْمُونِ بِمَرْوَ، وَعَلَيَّ أطمارٌ مُتَرَعْبِلَةٌ، فَقَالَ: لِي: يَا نَضْرُ أَتَدْخُلُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الثِّيَابِ؟ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ حَرَّ مَرْوَ لَا يُدْفَعُ إِلا بِمِثْلِ هَذِهِ الأَخْلاقِ، قَالَ: لَا، وَلَكِنَّكَ تَتَقَشَّفُ، قَالَ: فَتَجَاذَبْنَا الْحَدِيثَ، فَقَالَ الْمَأْمُونُ: حَدَّثَنِي هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ لِدِينِهَا وَجَمَالِهَا كَانَ فِيهَا سدادٌ مِنْ عَوَزٍ ". قُلْتُ: صَدَقَ قَوْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ هُشَيْمٍ، حَدَّثَنِي عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، عَنِ

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 382
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست