responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 356
أوكلما قَالَ الرِّجَالُ قَصِيدَةً ... أَصَمَوْا وَقَالُوا ابْنُ الأُبَيْرِقِ قَالَهَا؟
وَكَانُوا أَهْلَ بَيْتِ فاقةٍ وحاجةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالإِسْلامِ، وَكَانَ النَّاسُ إِنَّمَا طَعَامُهُمْ بِالْمَدِينَةِ التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ، وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ لَهُ يسارٌ فَقَدِمَتْ ضافطةٌ مِنَ الشَّامِ، ابْتَاعَ الرَّجُلُ مِنْهَا فَخَصَّ بِهِ نَفْسَهُ، فَأَمَّا الْعِيَالُ فَإِنَّمَا طَعَامُهُمُ التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ، فَقَدِمِتْ ضافطةٌ مِنَ الشَّامِ فَابْتَاعَ عَمِّي رِفَاعَةُ بْنُ زيدٍ حِمْلا مِنَ الدَّرْمَكِ فَجَعَلَهُ فِي مَشْرَبَةٍ لَهُ، وَفِي المَشْرَبَةِ سلاحٌ لَهُ دِرْعَانِ وَسَيْفَاهُمَا وَمَا يُصْلِحُهُمَا، فَعُدِيَ عَلَيْهِ مِنْ تَحْتِ اللَّيْلِ فَنُقِبَتِ الْمَشْرَبَةُ فَأُخِذَ الطَّعَامُ وَالسِّلاحُ، فَأَتَى عَمِّي رِفَاعَةَ، فَقَالَ: ابْنَ أَخٍ! أتَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ عُدِيَ عَلَيْنَا فِي لَيْلَتِنَا هَذِهِ، فَنُقِبَتْ مَشْرَبَتُنَا فَذُهِبَ بِطَعَامِنَا وَشَرَابِنَا وَسِلاحِنَا، قَالَ: فَتَحَسَّسْنَا فِي الدَّارِ وَسَأَلْنَا، فَقِيلَ لَنَا: قَدْ رَأَيْنَا بَنِي أُبَيْرِقٍ استوقروا فِي هَذِه اليلة، وَلا نَرَى فِيمَا نَرَاهُ إِلا بَعْضَ طَعَامِكُمْ، قَالَ: وَقَدْ كَانَ بَنُو أُبَيْرِقٍ - قَالُوا وَنَحْنُ نَسْأَلُ فِي الدَّارِ: وَاللَّهِ مَا نَرَى صَاحَبَكُمْ إِلا لِبِيدَ بْنَ سَهْلٍ - رجلٌ مِنَّا لَهُ صَلاحٌ وَإِسْلامٌ - فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ لبيدٌ اخْتَرَطَ سَيْفَهُ وَقَالَ: أَبَنِي أُبَيْرِقٍ! وَاللَّهِ لَيُخَالِطَنَّكُمْ هَذَا السَّيْفُ أَوْ لَتَبِنْ هَذِهِ السَّرِقَةُ، قَالُوا: إِلَيْكَ عَنَّا أَيُّهَا الرَّجُلُ، فَوَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِصَاحِبِهَا، فَسَأَلْنَا فِي الدَّارِ، حَتَّى لم نشك أَنهم أَصْحَابنَا، فَقَالَ: لي عمي: يَا ابْن أَخِي لَوْ أَتَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتَ لَهُ ذَلِكَ، قَالَ: قَتَادَةَ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ أَهْلَ بيتٍ مِنَّا أَهْلُ جفاءٍ عَمَدُوا إِلَى عَمِّي رِفَاعَةَ بْنِ زيدٍ فَنَقَبُوا مَشْرَبَةً لَهُ وَأَخَذُوا سِلاحَهُ وَطَعَامَهُ، فَلْيَرُدُّوا سِلاحَنَا فَأَمَّا الطَّعَامُ فَلا حَاجَةَ لَنَا بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَأَنْظُرُ فِي ذَلِكَ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ بَنُو أُبَيْرِقٍ أَتَوْا رَجُلا مِنْهُمْ، يُقَالُ لَهُ: أُسَيْدُ بْن عُرْوَةَ فَكَلَّمُوهُ فِي ذَلِكَ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ قومٌ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: إِنَّ قَتَادَةَ بْنَ النُّعْمَانِ وَعَمَّهُ عَمَدُوا إِلَى بيتٍ مِنَّا أَهْلِ إِسْلامٍ وَصَلاحٍ يَرْمُونَهُمْ بِالسَّرِقَةِ عَلَى غَيْرِ بينةٍ وَلا تثبتٍ، قَالَ قَتَادَةَ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمْتُهُ، فَقَالَ: عَمَدْتَ إِلَى أَهْلِ بيتٍ ذُكِرَ فِيهِ إِسَلامٌ وَصَلاحٌ تَرْمِيهِمْ بِالسَّرِقَةِ عَلَى غَيْرِ تثبتٍ وَلا بَيِّنَةٍ، قَالَ: فَرَجَعْتُ وَلَوَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ بَعْضِ مَالِي وَلَمْ أُكَلِّمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ، فَأَتَى عَمِّي رِفَاعَة، فَقَالَ يَا ابْن أَخٍ! مَا صَنَعْتَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ نَزَل الْقُرْآنُ " إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا - أَيْ بَنِي أُبَيْرِقٍ - وَأَنْتَ، وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رحِيما - أَيْ مِمَّا قُلْتَ لِقَتَادَةَ -، وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ - أَي بني بيرق - إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا، يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا، هَأَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلا، وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 356
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست