responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 274
قَالَ: مائَة وبضع عشرَة سنة، قَالَ: فِي بَعْضهَا مَا كفى واعظًا فاعمل لنَفسك، فَقَالَ:
أحبُّ اللَّواتي هُنَّ من وُرْقِ الصِّبا ... وَمن هُنَّ عَنْ أزواجِهن طِماحُ
مُسِرَّاتُ بغضٍ مُظْهِراتُ مودةٍ ... تَرَاهُنَّ كالمرضى وهُنَّ صِحَاحُ
فَقَالَ مِسْعَر: أفٍّ لَك، فَقَالَ: واللَّه مَا بأخيك حَرَكةٌ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سنة، وَلكنه بحرٌ يَجِيش وَيَرْمِي بزبده، فَضَحِك مِسْعَر، وقَالَ: إِن الشّعْر كلامٌ حَسَنُهُ حَسَن وقَبِيحُه قَبِيح ن.

جَزَاء مجالسة الأنذال
حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْر الْعُقَيْليّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاق طَلْحَة بن عبد الله الطَّلْحي، قَالَ: أَخْبَرَنَا الزُّبَير بْن أَبِي بَكْر، قَالَ: كَانَ بشكستُ النَّحْويُّ الْمَدَنِيّ وَفد عَلَى هِشَام بْن عَبْد الْملك فَلَمَّا حضر الغَدَاء دَعَاهُ هِشَام، وقَالَ لفتيان من بني أُمَيَّة: تَلاحَنُوا عَلَيْه، فَجعل أحدهم يَقُولُ: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِين! رَأَيْت أَبِي فُلان، وَيَقُولُ الآخر: مر بِي أَبَا فُلان، وَنَحْو هَذَا، فَلَمَّا ضجر أَدخل يَده فِي صحفةٍ فغمسها ثُمّ طلى لحيته، وقَالَ لنَفسِهِ: ذُوقي هَذَا جزاؤُك فِي مجالسة الأنذال.

من أَخْبَار خَالِد بْن يَزِيد الْكَاتِب
حَدَّثَنَا يَزِيد بْن الْحَسَن الْبَزَّاز، قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِد الْكَاتِب، قَالَ: دخلتُ عَلَى أَبِي عُبَاد أَبِي الرَّغل بْن أَبِي عُبَاد، وَعِنْده أَحْمَد بْن يَحْيَى وَابْن الْأَعرَابِي فَرفع مجلسي، فَقَالَ لَهُ ابْن الْأَعرَابِي: من هَذَا الْفَتى الَّذِي أَرَاك ترفع من قدره؟ قَالَ: أَوْ مَا تعرفه؟ قَالَ: اللَّهُمَّ لَا، قَالَ: هَذَا خَالِد الْكَاتِب الَّذِي يَقُولُ الشّعْر، فَقَالَ: أَنْشدني من قَوْلك شَيْئا فَأَنْشَدته:
لَو كَانَ من بشرٍ لَمْ يَفْتِنِ البَشَرا ... وَلَم يَفُقْ فِي الضياء الشَّمْس والقمرا
نور تجسَّم منحلٌ ومعقدٌ ... لَو أدركتْه عيونُ النّاس لانكدرا
فصاح ابْن الْأَعرَابِي، وقَالَ: كفرت يَا خَالِد هَذِهِ صفة الْخَالِق لَيست صفة الْمَخْلُوق، فأنشدني مَا قُلْتُ غَيْر هَذَا، فَأَنْشَدته:
أَرَاك لما لَججْتَ فِي غَضَبِك ... تَتْركُ رَدَّ السَّلامِ فِي كُتُبِك
حَتَّى أتيت عَلَى قولي:
أقولُ للسُّقْم إِلَى بدني ... حبا لشفاً يَكُون من سَببك
فصاح ابْن الْأَعرَابِي، وقَالَ: إِنَّك لفطنٌ وَفَوق مَا وَصَفْتِ بِهِ.
قَالَ القَاضِي: ابْن الْأَعرَابِي هَذَا أولى بِصفة الْكفْر من خَالِد، لِأَن خَالِدا لَمْ يَصِفْ مَنْ ذكَرَهُ فِي شعره إِلا بِصفة المخلوقين، إِذْ النورُ مَخْلُوق متجسَّمُه ومُنْحلَّهُ ومنعقِدُه، وَهُوَ والظلمة من خلق اللَّه تَعَالَى، وَإِنَّمَا يُنكر خَلْقَهُمَا ويَدَّعي أَنَّهُمَا أصلان قديمان الثنوية، وَابْن الْأَعرَابِي إِذْ جعل هَذِهِ الصّفة للخالق دون الْمَخْلُوق جَاهِل بِالدّينِ، ضال عَنْ سَبِيل الْمُؤْمِنِين.

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 274
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست