responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 264
السَّبِيل؟ قَالَتْ: تدفع الْكيس إِلَيْهِ، قُلْتُ: يَا غُلام! رُدَّه، فردّه فحدّثته بِالْحَدِيثِ وَدفعت الْكيس إِلَيْهِ فَأَخذه وشكر وَانْصَرف، فَلَمَّا ولَّى جَاءَ إبليسُ لَعنه اللَّه، فَقَالَ لي: المتوكلُ وانحرافه عَنْ أَهْل هَذَا الْبَيْت، يُدفع إِلَيْك ألفُ دِينَار تدفعها إِلَى مستحقين تكْتب أَسْمَاءَهُم وأنسابهم ومنازلهم، فإيش تحتج؟ وَقَدْ دفعتَ إِلَى عَلَويٍّ سبعَ مائَة دِينَار. فَقلت لربة الْمنزل: وقعتيني فِيمَا أكره، فإمَّا سَبْعمِائة دِينَار أَوْ زَوَال النعم، وعرَّفتُها مَا عِنْدِي، فَقَالَت: اتكل عَلَى جَدِّهم، فَقلت: دَعِي هَذَا عَنْكِ، المتَوَكل وانحرافه فإيش أحتج إيش أَقُول؟ قَالَتْ: اتكل عَلَى جَدّهم، فَمَا زَالَت بِمثل هَذَا القَوْل وَمثله إِلَى أَن اطمأننت وَسكت وَقمت إِلَى فِرَاشِي، فَمَا استثقلتُ نومًا إِلا وَصَوت الْفُرَانِقِ عَلَى الْبَاب، فَقلت: لبَعض من يَقْرُب مني: مَنْ عَلَى الْبَاب؟ فَعَاد إِلَيّ، فَقَالَ: رَسُول السيدة يَأْمُرك بالركوب إِلَيْهَا السَّاعَة فَخرجت إِلَى صحن الدَّار وَاللَّيْل بحالته والنجوم بحالتها، وَجَاء ثَان وثالث فأدخلتهم، فَقلت: اللَّيْل بحالته! فَقَالُوا: لابد من أَن تركب فركبت فَلم أصل إِلَى الْجَوْسَقِ إِلا وَأَنا فِي موكب من الرُّسُل، فَدخلت الدَّار فَقبض خادمٌ عَليّ يَدي فَأَدْخلنِي إِلَى الْموضع الَّذِي كُنْت أصل، ووقفني، وَخرج خَادِم خَاصَّة من دَاخل فَأخذ بيَدي، وقَالَ: يَا أَحْمَد! إِنَّك تُكلِّم السيدة أم أَمِير الْمُؤْمِنِين فقف حَيْثُ توقف، وَلا تَكَلَّم حَتَّى تُسْأَل، وأدخلني إِلَى دَار لَطِيفَة فِيهَا بيُوت عَلَيْهَا ستورٌ مُسْبَلة، وشمعةٌ وسط الدَّار، فوقَفَنِي عَلَى بابٍ مِنْهَا فوقفت لَا أَتكَلّم، فصاح بِي صائح، قَالَ: يَا أَحْمَد! فَقلت: لبيْك يَا أم أَمِير الْمُؤْمِنِين، فَقَالَت: حسابُ ألف دِينَار، بل حِسَاب سَبْعمِائة دِينَار وبكت، فَقلت فِي نَفسِي: نكبة! علويٌ أَخَذَ المَال وَمضى فَفتح دكاكين التُّجَّار فِي السُّوق وَاشْترى حَوَائِجه، وتحدث فَكتب بِهِ بعض أَصْحَاب الْأَخْبَار، فَأمر المتوكِّل بقتلي وَهِي تبْكي رَحْمَة لي، ثُمّ أمسكتْ عَنِ الْكَلَام، وقَالَتْ: يَا أَحْمَد! حِسَاب ألف دِينَار بل حِسَاب سَبْعمِائة دِينَار، ثُمّ بَكت فَفعلت ذَلِكَ ثَلَاث مَرَّات ثُمّ أمسكتْ، وسَأَلَتْني عَنِ الْحساب، فصدَقْتُها عَنِ الْقِصَّة، فَلَمَّا بلغتُ إِلَى ذكر العَلَويّ بكتْ، وَقَالَت: يَا أَحْمَد! جَزَاك اللَّه خيرا وجزى من فِي مَنْزِلك خيرا، تَدْرِي مَا كَانَ جرى اللَّيْلَة؟ قُلْتُ: لَا، قَالَتْ: كُنْت نَائِمَة فِي فِرَاشِي فَرَأَيْت النَّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: جَزَاك اللَّه خيرا وجزى أَحْمَد بْن الخصيب خيرا، وَمن فِي منزله خيرا، فقد فَرَّجتم فِي هَذِهِ الليلةَ عَنْ ثلاثةٍ من وَلَدِي، مَا كَانَ لَهُم شيءٌ، خُذْ هَذَا الْحلِيّ مَعَ هَذِهِ الثِّيَاب وَهَذِه الدَّنَانِير وادفعها إِلَى العَلَويّ، وَقل لَهُ: نَحْنُ نصرف عَلَيْك مَا جَاءَ من هَذِهِ النَّاحِيَة، وَخذ هَذَا الحليَّ وَهَذِه الثِّيَاب وَهَذَا المَال فادفعه إِلَى
زَوجتك، وَقل: يَا مباركة! جَزَاك الله عناخيراً فَهَذِهِ دلالتك، وَخذ هَذَا يَا أَحْمَد، فدفَعَتْ إليّ مَالا وثيابًا، وخرجتُ يُحملُ ذَلِكَ بَيْنَ يديَّ، وركبتُ منصرفًا إِلَى منزلي، وَكَانَ طريقي عَلَى بَاب العَلويّ، فَقلت: أبدأ بِهِ إِذا كَانَ اللَّه رَزَقنا هَذَا عَليّ يَدَيْهِ، فدقَقْتُ الْبَاب، فَقِيل لي: من هَذَا؟ فَقلت: أَحْمَد بْن الخصيب، فَخرج إليّ فَقَالَ: يَا أَحْمَد هاتِ مَا مَعَك، فَقلت فِي بالي: وَمَا يدْريك مَا معي؟ فَقَالَ لي: انصرفتُ من عنْدك بِمَا أخذتُه مِنْك وَلَم يَكُنْ عندنَا شَيْء فَدخلت عَلَى بِنْت عمي فعرَّفْتُها الْخَبَر، ودفعتُ إِلَيْهَا المَال ففرحَتْ، وَقَالَت: مَا أُرِيد أَن تشتري شَيْئا وَلا آكل شَيْئا، وَلَكِن قُمْ فَصَلِّ أَنْت وادْعُ حَتَّى أؤمِّن عَلَى دعائك، فقمتُ فصلَّيتُ ودعوت وأمّنَتْ ووضعتُ رَأْسِي ونمتُ، فَرَأَيْت جدِّي عَلَيْه السَّلام فِي النّوم وَهُوَ يَقُولُ لي: قَدْ شكرتُهم عَلَى مَا كَانَ مِنْهُم إِلَيْك، وهم بارُّوكَ بشيءٍ فاقْبَلْه، فدفعتُ إِلَيْهِ مَا كَانَ معي وانصرفتُ، وصرت إِلَى منزلي فَإِذا ربَّة الْمنزل قلقة قَائِمَة تُصلِّي وَتَدْعُو، فعرفتْ أَنِّي قَدْ جِئْت مُعَافًى، فَخرجت إليّ فسألتني عَنْ خبري، فحدَّثْتها الْحَدِيث عَلَى وَجهه، فَقَالَت لي: ألم أقل لَك: أتكل عَلَى جَدِّهم، رأيتَ مَا فعل؟ فدفعتُ إِلَيْهَا مَا كَانَ لَهَا فأخذتْهُ. وَقل: يَا مباركة! جَزَاك اللَّه عناخيراً فَهَذِهِ دلالتك، وَخذ هَذَا يَا أَحْمَد، فدفَعَتْ إليّ مَالا وثيابًا، وخرجتُ يُحملُ ذَلِكَ بَيْنَ يديَّ، وركبتُ منصرفًا إِلَى منزلي، وَكَانَ طريقي عَلَى بَاب العَلويّ، فَقلت: أبدأ بِهِ إِذا كَانَ اللَّه رَزَقنا هَذَا عَليّ يَدَيْهِ، فدقَقْتُ الْبَاب، فَقِيل لي: من هَذَا؟ فَقلت: أَحْمَد بْن الخصيب، فَخرج

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 264
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست