responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 260
أحسن الشّعْر
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَرَفَة الأَزْدِيّ، قَالَ: استنشدني أَبُو سُلَيْمَان دَاوُد بْن عَلِيّ بعقب قصيدة أنشدتُه إِيَّاهَا ومدحته فِيهَا، وَسَأَلته الْجُلُوس فَأَجَابَنِي، وقَالَ لي فِي شيءٍ مِنْهَا: لَو أبدلتَ مَكَانَهُ؟ فَقلت لَهُ: هَذَا كلامُ الْعَرَب، فَقَالَ: أحسنُ الشّعْر مَا دخل القلبَ بِلَا آذان، هَذَا بعد أَن بدلتُ الْكَلِمَة، فَقَالَ لي إِنْسَان بِحَضْرَتِهِ: مَا أَشد وُلُوعك بِذكر الْفِرَاق فِي شعرك! فَقَالَ أَبُو سُلَيْمَان: وأيُّ شيءٍ أمَضُّ من الْفِرَاق؟ ثُم حكى عَنْ مُحَمَّد بْن حبيب، عَنْ عمَارَة بْن عقيل بْن بِلَال بْن جرير، أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: مَا كَانَ أَبوك صانعًا حَيْثُ يَقُولُ:
لَو كنتُ أَعْلَمُ أَن آخِرَ عَهْدِكُمْ ... يوْم الرَّحيلِ فعلتُ مَا لَمْ أفْعَلِ
قَالَ: يَقْلَعُ عينه وَلا يرى مَظْعَنَ أحبابه

تعليقات بلاغية ونحوية
قَالَ القَاضِي: وَلي من أبياتٍ لَمْ يَحْضُرْني حفظهَا فِي هَذَا الْوَقْت أَيْضا هِيَ فِي معنى قَول أَبِي سُلَيْمَان دَاوُد فِي هَذَا الْخَبَر:
تَخْترِقُ الْحُجْبَ بِلَا حَاجِبِ ... وتَدْخُلُ الأُذْنَ بِلَا آذِنِ
والأُذْنُ مَعَ الْآذِن يُؤْثر للمجانسة، وَمَا يدخُل الْقلب أبلغ فِي تَحْقِيق الْمَعْنى وَقَوله:
لَو كنتُ أَعْلَم أَن آخِرَ عَهْدِكُمْ ... يوْم الرَّحيلِ.....................
يرْوى: يوْم الرحيل رفعا ونصبًا، فَمنْ نَصبه فَعَلَى أَنَّهُ ظَرْف، وَالْمعْنَى أَن آخر عهدكم فِي يوْم الرحيل، وَمن رَفَعَهُ جعل يوْم الرحيل نفسَهُ هُوَ آخر الْعَهْد.
وَقَدْ قَرَأت القَرَأَةُ: " قَالَ مَوْعدكُمْ يَوْم الزِّينَة "، فَمَنْ رَفَعَ جَعَلَ الْموعد هُوَ الْيَوْم، وَمن نَصَبِ جعل الْموعد فِي الْيَوْم.
وقَالَ يُونُس: سألتُ رُؤْبَة: أَيْنَ منزلُكَ؟ فَقَالَ: شَرْقِيُّ الْمَسْجِد، وقَالَ جرير:
هَبّتْ شَمَالا فذِكْرَى مَا ذَكَرْتُكُمُ ... إِلَى الصَّفَاةِ الَّتِي شَرْقِيَّ حَوْرَانَا
فنصب، وَالرَّفْع جَائِز وَذَلِكَ عَلَى مَا مضى من بياننا، وَالِاخْتِيَار عِنْدِي رفع قَول رُؤْبة وَنصب قَول جرير فِي بَيته عَلَى مَا قَالا، مَعَ جَوَاز خِلَافه، وَذَلِكَ أَنَّهُ سُئل عَنْ نفس منزله فَأخْبر أَنَّهُ شَرْقي الْمَسْجِد، وَيقدر جَوَابه: منزلي هُوَ شرقيُّ الْمَسْجِد أَوْ شرقيُّ الْمَسْجِد هُوَ منزلي، هَذَا هُوَ عُرْف النّاس فِي السُّؤَال عَنْ مثل هَذَا، وَالْجَوَاب عَنْ: مَا ثوبُك؟ فَيُقَال: خزٌّ أَيّ من خزّ، وَمَا لون فَرَسِك؟ فَيُقَال: أشقرُ، وَلا يُقَالُ فِي الْغَالِب: شُقْرة، والنَّصْبُ فِيهِ عَلَى معنى أَنَّهُ سُئل فِي أَيّ موضعٍ مَنْزِلك؟ فَيُقَال: فِي شرقيِّ الْمَسْجِد، وأمّا شرقيُّ حَوْران فِي بَيت جرير فَمَعْنَاه إِلَى الصفاة الَّتِي هِيَ شَرْقي حوران، وَلَو أُرِيد هَذَا فَالوَجْهُ فِيهِ إظهارُ هِيَ فَيُقَال الَّتِي هِيَ شَرْقي حَوْرَان.
وَقَدْ قَرَأَ يَحْيَى بْن يَعْمَر: " تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ "، وَالْوَجْه إِذا أُوثِرَ هَذَا الْمَعْنَى أَن

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 260
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست