responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 246
قصَّة عَجِيبَة فِي البراعة فِي علم النُّجُوم
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس البرتي، قَالَ: حُدِّثْتُ أَن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن طَاهِر كَانَ مولودًا بحدِّ السرطان، فَلَمَّا أَن كَانَ ذَات لَيْلَة جمع أَهْل بَيته، فَقَالَ: إِنِّي مولودٌ بِحَدّ السرطان، وَإِن طالع السّنة السرطان، وَإِن الْقَمَر اللَّيْلَة ينكسف فِي السرطان وَهِي لَيْلَة الْأَحَد، فَإِن نجوت فِي هَذِهِ اللَّيْلَة فسأبقى سِنِين، وَإِن تكن الْأُخْرَى فَإِنِّي ميتٌ لَا محَالة. فَقَالُوا لَهُ: بل يُطِيل اللَّه تَعَالَى.
قَالَ: فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَة دَعَا غُلَاما لَهُ، كَانَ قَدْ علمة النُّجُوم، فأصعده إِلَى قبَّة لَهُ فَأعْطَاهُ بَنَادِق واصطرلابًا، وقَالَ لَهُ: خُذ الطالع فَكلما مضى من انكساف الْقَمَر دقيقة فاقذف إِلَى ببندقة حَتَّى أَعْلَم ذَلِكَ.
وَجلسَ محمدٌ مَعَ أَصْحَابه فَجعل الْغُلَام كلما مضى من انكساف الْقَمَر دقيقة رمى إِلَيْهِ ببندقة، فَلَمَّا انكسف من الْقَمَر ثُلثه قَالَ لأَصْحَابه: مَا تَقولُونَ فِي رَجُل قَاعد مَعكُمْ يقْضِي ويمضي وَقَدْ ذهب ثلث عمره، وَقَالُوا لَهُ: بل يُطِيل اللَّه تَعَالَى عمرك أَيهَا الْأَمِير.
فَلَمَّا مضى من الْقَمَر ثُلُثَاهُ عمد إِلَى جواريه فَأعتق مِنْهُنَّ من أحبّ، ووقف من ضيَاعه مَا وقف، وقَالَ لَهُم: " مَا تَقولُونَ فِي رَجُل معلم يقْضِي ويمضي، وَقَدْ ذهب ثلثا عمره، فَقَالُوا لَهُ: بل يُطِيل اللَّه عمرك أَيهَا الْأَمِير، فَلَمَّا مضى من الثَّالِث دقيقتان قَالَ لَهُم مُحَمَّد إِذا استغرق الْقَمَر فأمضوا إِلَى أَخِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْن طَاهِر، ثُمّ قَامَ فاغتسل وَلبس أَكْفَانه وَتحفظ وَدخل إِلَى بيتٍ لَهُ وردَّ عَلَيْه الْبَاب واطضجع، فَلَمَّا استغرق الْقَمَر فِي الانكساف فاضت نَفسه، فَدَخَلُوا إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ ميت، فَانْطَلقُوا إِلَى عُبَيْد اللَّه أَخِيهِ ليعلموه فَإِذا عُبَيْد اللَّه أَخُوهُ فِي طيارة عَلَى الْبَاب قَدْ سبقهمْ، فَقَالَ لَهُم: أمات أَخِي؟ قَالُوا: نعم، فَقَالَ: مَا زلت آخذ لَهُ الطالع حَتَّى استغرق الْقَمَر فِي الْكُسُوف، فَعلمت أَنَّهُ قَدْ قبض، ثُمّ دخل فأكبَّ عَلَى أَخِيه باكيًا طَويلا ثُمّ خرج وَهُوَ يَقُولُ:
هد ركن الْخلَافَة الموطود ... زَالَ عَنْهَا السرادق الْمَمْدُود
حط فسطاطها الْمُحِيط عَلَيْهَا ... هوت أطنابها فَمَال العمود
يَا كسوفين لَيْلَة الْأَحَد النح ... س أضلتكما النُّجُوم السُّعْود
أحد كَانَ حَده، من نحوسٍ جمعت ... حَدهَا إِلَيْهِ الأحود
أحدٌ كَانَ حَده مثل حد السي ... ف وَالنَّار شب فِيهَا الْوقُود
كسف الْبَدْر والأمير جَمِيعًا ... فانجلى الْبَدْر والأمير عميد
عاود الْبَدْر نوره لتجلي - يه وَنور الْأَمِير لَا يعود

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 246
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست