responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 220
بل الْمَعْنى إِنِّي أستحيي أَخِي أَن أرى لَهُ عِنْدِي مِنْ فضلٍ سابقٍ مِنْهُ، مَالا يرى لي عِنْده من فضل، فَيكون قَدْ ثَبَّت عِنْدِي حقَّا لَمْ أُثَبِّتْ لنَفْسي عِنْده من الْحق مثلَه.
وَهَذَا أصح التَّأْويلَيْنِ، وأصوب المعنين، وَقَوله: وَإِنِّي لأستحيي أَخِي أَن أرى لَهُ ... ، يشهدُ بِصِحَّة هَذَا التَّأْوِيل، لِأَن قَائِلا لَو قَالَ لآخر: إِنِّي لأستحييك أَن آتِي من حسن عشرتك مَا لَا يَأْتِي مثله فِي معاشرتي، لَكَانَ من الْكَلَام الركيك الَّذِي يستهجن وَلا يُسْتَحسن، وَلَو قَالَ لَهُ: إِنِّي لأستحييك أَن تعاشرني من النُّبْل مَا لَا أعاشرك بِمِثْلِهِ، لَكَانَ من أبين الْكَلَام وأفْصَحِه، وَأحسن معنى وأوضحه.
فأمّا قَول النَّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي الْخَبَر: " وَلا خيرَ لَكَ فِي صُحْبَةِ مَنْ لَا يرى لَك مِثْلَ مَا ترَاهُ لَهُ "، فَهُوَ جارٍ علىعكس هَذِهِ الطَّرِيقَة بِحَسب مَا بَيناهُ، وَإِنَّمَا يَصحُّ حملُه عَلَى النَّحْو الَّذِي حملنَا عَلَيْه تَفْسِير الْبَيْت، لَو كَانَ قِيلَ فِيهِ: وَلا خير لمن صُحبته فِي صحبتك إِذا لَمْ تَرَ لَهُ من الْحق مثل الَّذِي يرى لَك، عَلَى مَا تقدم من تلخيصنا.

خبر من فتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن دُرَيْد، أَنْبَأَنَا أَبُو حَاتِم، عَنِ الْعُتْبِي، قَالَ: كتب مَسْلَمَةَ بْن عَبْد الْملك إِلَى أَبِيهِ، وَهُوَ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ:
أرِقتُ وصحراءُ الطُّوانَةِ مَنْزِلِي ... لبرقٍ تلالا نَحْو عمْرَة يلمح
أزوال أمرا لم يَكُنْ ليُطِيقَهُ ... من الْقَوْم إِلا الْقُلَّبِيُّ الصَّمَحْمحُ
فَكتب الْقَعْقَاع بْن خُلَيْد الْعَبْسيّ إِلَى عَبْد الْملك:
فأبْلغ أميرَ الْمُؤْمِنِين بأنَّنا ... سِوَى مَا يَقُولُ الْقُلَّبِيُّ الصَّمَحْمحُ
أكلْنا لحومَ الْخَيل رَطْبًا ويابسًا ... وأكبادُنا من أكْلنا الخيلَ تَقْرَحُ
ونحْسُبها نَحْو الطوانة ظُلّعا ... وَلَيْسَ لَهَا حَوْلَ الطوانة مسرح
فليت الفَزَارِيّ الَّذِي غشَّ نفسَهُ ... وَخَانَ أميرَ الْمُؤْمِنِين يُسَرَّحُ
وَكَانَ أصابتُهم مجاعةٌ حَتَّى أكلُوا الخيْلَ، فكتم ذَلِكَ مَسْلَمَةَ بْن عَبْد الْملك، وَكتب مَعَ رَجُل من بني فَزَارَة، فَذَلِك معنى قَوْله:
فليت الفَزَاريّ الَّذِي غش نَفسه

معنى بعض الْكَلِمَات ووزنها
قَالَ القَاضِي: الْقُلَّبِيُّ: الَّذِي يعرف تَقَلُّبَ الْأُمُور وتدبيرها، ويتصفَّحُها فَيعلم بمجاريها، يُقَالُ: رجلٌ قُلَّبِيٌّ حُوَّليٌّ: لمحاولته وتقلبه، وتدبيره، ويُقَالُ لَهُ أَيْضا: حُوَّلٌ قُلَّب، كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
حُوَلّ قلبٌ معنٌ مفنٌ ... كُلّ داءٍ لَهُ لَدَيْهِ دَوَاءُ
وَقَوله: الصَّمَحْمح: أَرَادَ بِهِ وَصفه بالشدة وَالْقُوَّة، وبَيْنَ أَهْل الْعلم بِكَلَام الْعَرَب

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 220
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست