responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 210
يعامله بكسوةٍ بِأَلف دِرْهَم، ووجّه من اكترى لَهُ زَوْرقًا إِلَى مَدِينَة السَّلام، وزوَّدَهُ زادًا كَبِيرا حسنا، وقَالَ لَهُ: اخْرُج لَا تَلْقَ مَنْ قَصَدْته، فَقَالَ: واللَّه لأضْرِبَنّ جُودَك عَلَى نائلٍ يَكُون مِنْهُ، ولأَفْرِدَنَّ الشُّكْر لَك دونه، ولأتجهنَّ إِلَى اللَّه تَعَالَى فِي صيانتك عَنْ كلِّ دناءةٍ ومعرةٍ كَمَا صُنْتني عَنْهَا، وَانْصَرف.
وَبلغ الخبرُ ابْن دِينَار، وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ وحشةٍ عظيمةٍ صَارَت بَيْنَهُمَا.

من سخاء الْمهْدي
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن الْعَبَّاس العسكري، حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَبِي سَعْد، وحَدَّثَنِي أَبِي رحمَهُ اللَّه، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمد الْخُتلِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه ابْن هَارُون، ومُوسَى الفَرْوِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْد الْملك بْن عَبْد الْعَزِيز، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلَني المهديُّ أميرُ الْمُؤْمِنِين، فَقَالَ: يَا ماجشون! مَا قُلْتُ حِين فُقد أَصْحَابك، يَعْنِي الْفُقَهَاء، قَالَ: قُلْتُ:
يَا مَنْ لباكٍ عَلَى أَصْحَابه جَزِعَا ... قَدْ كنتُ أَحْذَرُ ذَا مِنْ قَبْلِ أَن يَقَعَا
إِن الزَّمَان رأى إلْفَ السُّرور بِنَا ... فدَبَّ بالهَجْرِ فِيمَا بينَنَا وسَعَى
فليصْنَعِ الدَّهْر بِي مَا شاءَ مُجْتَهدًا ... فَلَا زيادَةَ شيءٍ فَوق مَا صَنَعَا
فَقَالَ: واللَّهِ لأُغْنِيَنَّك، فَأَجَازَهُ بِعشْرَة آلَاف دِينَار فَقدم بهَا الْمَدِينَة فَأكلهَا فِي السخاء وَالْكَرم.

الْأَقْوَال فِي " بَيْنَ "
قَالَ القَاضِي: فِيمَا بينَنَا بِالنّصب، هَكَذَا رُوِي عَلَى الظَّرْف، وَقَدْ حكى بعضُ النحْويِّين عَنِ الْعَرَب، أَتَانِي سِوَاءَك ودُونَك، وذُوكِرْت بروايته بالجرّ هَلْ تَجُوز؟ وَمَا وَجه جَوَازهَا؟ ووجهُ الجرِّ فِي هَذَا أَن يَكُون معنى البَيْن هَاهُنَا: الْوَصْل، وَالْمعْنَى فدب فِي وصلنا، فَيكون لَهَا وَجْهَان: أَحَدُهُمَا أَن تكون مَا حَشْوًا زَائِدا كَمَا قِيلَ مثل هَذَا فِي قَوْله تَعَالَى: " فَبِمَا رحمةٍ من الله "، " فبمَا نقضهم ميثاقهم "، وَرُوِيَ مثل هَذَا فِي قَول الشَّاعِر:
فَلَو أنَّ نَفْسًا أَخْرَجَتْها مخافةٌ ... لأخرجَ نفسِي اليومَ مَا قَالَ خالِدُ
الْمَعْنى: قَولُ خَالِد وقِيلُ خَالِد، فقولٌ وقالٌ، مثل عيبٍ وعَاب، وذمٍّ وذامٌ، وقيلٌ وقالٌ: مثل: قيرٍ وقَار.
وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن تكون مَا بِمَعْنى شيءٍ أتتْ للإبهام فِي النَّوْع أَو الْقدر ويبدل مِنْهَا مَا بعْدهَا، كأَنَّه قَالَ فِي الْبَيْت: فدبّ فيّ شَيْء مَا، ثُمّ فسّره بقوله: بَيْننَا وجرّه عَلَى البَدَل مِنْهُ، وَمثل مَا هَاهُنَا قَول ذِي الرُّمة:
أشْبَهْنَ من بَقَرِ الخَلْصَاءِ أعْيُنَها ... وهُنّ أحسنُ مِنْهَا بَعْدَهَا صُوَرا
الْمَعْنى: أحسن مِنْهَا صُوُرا، وَمن الْبَين بِمَعْنى الْوَصْل قَول الشَّاعِر:
لقَدْ كَذَّبَ الواشِين بيني وَبَينهَا ... فقرت بِذَاكَ البَيْنِ عَيْني وعينُها

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 210
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست