responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 20
توكيداً لحرمتهن وَدلَالَة على تأبيد تَحْرِيم نِكَاحهنَّ عَلَى غَيْر النَّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي ذَلِك استقصاء هَذِه الْبَاب وَمَا يُنَاسِبه ويتصل بِهِ طول.
وَقَوله: " وَلما يتَكَلَّم " هَذِهِ لَم الجازمة دخلت عَلَيْهَا مَا وَقيل: إِنَّهَا تَأتي لنفي حُضُور شَيْءٍ منتظر متوقع وَقيل: بل هِيَ عَلَى طَرِيق لَمْ وَإِن ضمت إِلَيْهَا مَا كَمَا هِيَ فِي: إنَّ تقم أقِم، وَإِمَّا تقم أقِم، وَلِهَذَا النَّحْو مَوضِع هُوَ أولى بِهِ.
وأمّا قَول النَّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَوْ دَعَتِ اللَّهَ أَنْ يَفْتِنَهُ عَنْ دِينِهِ لأَفْتَنَهُ عَنْ دِينِهِ " فَالَّذِي أحفظ عَنِ ابْن أبي دَاوُد أَنَّهُ قَالَ فِي هَذَا الحَدِيث هَكَذَا أَن يَفتنه، وَقَالَ لأفتنه، وَفِي تصريف الْفِعْل من الْفِتْنَة عَلَى تشعب مَعَانِيهَا وَاخْتِلَاف وجوهها لُغَتَانِ: يُقَالُ: فتنه يفتنه عَلَى وزن فعل يفعل وَهَذِه أَعلَى اللغتين وأفصحهما، وَبهَا جَاءَ كتاب اللَّه تَعَالَى فِي جَمِيع الْقُرْآن، من ذَلِكَ: " لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَان "، وَقَوله " عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وملأهم أَن يفتنهم " وَقَوله: " وَظن دَاوُود أَنما فتناه " بِمَعْنى امتحناه، وأضاف هَذِه إِلَيْهِ جلّ ذكره، وَقد قرئَ أَنما فَتَنَاه بِالتَّخْفِيفِ عَلَى تَوْجِيه الْفِعْل إِلَى الْملكَيْنِ، وَقَالَ تَعَالَى: " وَلَكِنَّكُمْ فتنتم أَنفسكُم " وَقَالَ: " إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات ".
واللغة الثَّانِيَة فِي هَذِهِ الْكَلِمَة هِيَ أقلُّهما فِي كَلَام الْعَرَب وَهِي: أفتنه يفتنه عَلَى أفعل يفعل.
فَإِن كَانَ مَا روى لَنَا فِي هَذَا الحَدِيث عَلَى اللَّفْظ الَّذِي وَصفنَا مَحْفُوظًا عِنْدَ رُوَاته وَمن أَدَّاهُ إِلَيْنَا فَإِنَّهُ ممّا جمع فِيهِ بَيْنَ اللغتين.

الْجمع بَيْنَ اللغتين
وَالْجمع بَيْنَ اللغتين كثير فِي كَلَام الْعَرَب، وَقد جَاءَ مِنْهُ فِي كتاب اللَّه عزَّ ذكره على تجَاوز واتصال، وتراح وانفصال، فَمن الْمُتَّصِل قَوْله: " فَمَهِّلِ الْكَافرين أمهلهم "، وَمن الْمُنْفَصِل قَوْله فِي السُّورَةِ الَّتِي يَذْكُرُ فِيهَا الْأَنْفَال: " وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ " على إِظْهَار التَّضْعِيف، وَفِي سُورَة الْحَشْر " وَمن يشاق إِلَى الله " بِالْإِدْغَامِ، وَمثله " فليملل وليه " عَلَى لُغَة من يَقُولُ: أمللت الْكتاب فَأَنا أملهُ، وَقَوله: " فَهِيَ تملي عَلَيْهِ "، من أمليته أمليه، وَقَالَ الشَّاعِر فِي الْجمع بَيْنَ اللغتين:
لَئِنْ فتنتني لهي بالْأَمْس أفتنت ... سعيدًا فَأَضْحَى قَدْ قَلَى كلّ مُسْلِم
وَمن الْجمع بَيْنَ اللغتين قَول لبيد:
سَقَى قَوْمِي بني مَجْدٍ وَأسْقَى ... عُمَيْرًا وَالْقَبَائِلَ مِنْ هِلالِ
وَقَالَ آخر:
يَا بن رُفَيع هَلْ لَهَا من مَغْبَقِ ... هَل أَن سَاقيهَا سقاك المسُقّي
وَقرن بَعضهم بَيْنَ الْمَعْنيين فِي اللغتين فَقَالَ: سقيته أَي ناولته مَاء لشفته، وأسقيته إِذَا

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 20
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست