responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 167
عُقُوبَته؟ قَالَ: بِالنَّصِيحَةِ غَيْر المَمْذُوقة، وَأَدَاء الْأَمَانَة غَيْر المشوبة بالخيانة، وَقطع لِسَان العتاب بالحيطة بالمغيب، والتحفظ عَنْ إفشاء الْكَلِمَة فِي الطعْن عَلَيْهِ، فَإِن الْكَلَام إِذَا لَفَظَهُ اللِّسَان لَمْ تَمْلِك إِعَادَته إِلَى الْقلب، وَلم يُؤْمن مِنْهُ عَثْرةٌ غَيْر مُقَالة، وكبوة غَيْر مغتفرة، قَالَ: فَأَيْنَ يُوجد الرَّأْي الْأَصِيل، وَالصَّوَاب الألِيل؟ قَالَ: عِنْدَ الناصح اللبيب، الحازم الأريب، الَّذِي إعلانه ككمنونه، ومبتذله كمصونه، قَالَ: فَبِمَ يدْرك عَلَمُ الْأَمر فِي الولاج المَأزول والرأي المستور فِي مُسْتَقر التامور؟ قَالَ: بِإِحْدَى خلتين، إِمَّا بالعشيرة المماطلة، والتجربة المصاولة، أَوْ بالمحبة الْبَالِغَة، والبصيرة الثاقبة، قَالَ: من أَحَق النّاس بالمعاونة عَلَى دهره وأحراهم بالمساعدة عَلَى أمره؟ قَالَ: من جعلك سندًا لظهره، وَألقى إِلَيْكَ مقاليد أمره، وَجعل رجاءك عَامر صَدره، قَالَ: بِمَ تتأكد محبَّة الْخَاصَّة، ويستعطف رضَا الْعَامَّة؟ قَالَ: ببسط يَد العَدْل، أَوْ إِطْلَاق عقل الْبَذْل، والتجافي عَنِ العثار، مَا لَمْ يخرج ذَلِكَ إِلَى انتشار، قَالَ: فَبِمَ تحسن أحدوثة الْملك؟ قَالَ: بإرجائه الْعقُوبَة فِي سُلْطَان الْغَضَب، وتعجيل مُكَافَأَة المحسن قَبْلَ الطّلب، وتسليط الْحلم والأناة عَلَى الطيش والنزق واستصلاح أولى الانقياد لاستجلاب أولى الرهَق.

معنى الْأَلْفَاظ اللُّغَوِيَّة
قَالَ القَاضِي: قَول سَعْد الْعَشِيرَة فِي عقله وَقَلبه: حراهما الدَّهْر كَمَا حرى سَائِر جسمي مَعْنَاهُ نقصهما، يُقَالُ: حرى الشَّيء يحرى أَي نقص، كَمَا قَالَ الْقَائِل:
فِي جَسَدٍ يَنْمِي وعَقلٍ يَحْرِي
وَفِي قَوْله: فبمَا ثَلَمتَه مني الأحقاب يَعْنِي السنين، قَالَ اللَّه عَزَّ وَجل: " لابثين فِيهَا أحقابا " وَالْوَاحد حُقْب، قَالَ اللَّه تَعَالَى: " أَو أمضي حقبا " وَقيل إِن الحقب ثَمَانُون عَاما، وَقيل لَهُ: حقبة من الدَّهْر يُراد بِهِ الْمدَّة الطَّوِيلَة، قَالَ متم بْن نُوَيرة: يرثى أَخَاهُ مَالِكًا:
وكُنّا كَنُدْمَانَيْ جَذيِمة حِقْبَةً ... من الدَّهْر حَتَّى قيل لن يَتَصَدَّعَا
وَقَوله: أَحْمَد الْمُلُوك إيالا: يَعْنِي الْإِصْلَاح وَالتَّدْبِير والسياسة، وَيُقَال فلَان حَسَن الإيالة إِذَا وُصِف بِالْإِحْسَانِ فِي سياسة أمره، وَقَوله: الولاج المأزول يَعْنِي المَدْخل الضَّيِّق، وَيُقَال: أصَاب الْقَوْم أزل أَي شدَّة وضيق.
قَالَ الشَّاعِر:
وَإِن أفْسَد المَالُ الجماعاتِ والأزْل
فَأَما الإزل بِكَسْر الْهمزَة: فالكذب، كَمَا قَالَ ابنُ دارة:
يَقُولُونَ إزلٌ حُبٌّ ليلى وودُّها ... وَقد كَذَبوا مَا فِي مَوَدَّتِها إزْلُ
وَقَوله: التامور يُرِيد الْقلب، ويعبر بالتّامور عَنِ النَّفس وَهُوَ الدَّم، يُقَالُ نفس سَائِلَة أَي دم، وَالنّفاس وَالنُّفَسَاء من هَذَا.

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 167
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست