responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 153
فَقَالَ الْخَادِم: قَدْ وَالله عرفتُ مَا صنعتَ، أبيتَ أَن تَأْخُذ كتاب أَمِير الْمُؤمنِينَ حَتَّى تَفْرغ مِمَّا تُرِيدُ، ووَالله لأخبرنّ أَمِير الْمُؤمنِينَ، بِمَا فعلت، فَقَالَ لَهُ حَفْص: قل مَا أَحْبَبْت، فجَاء الْخَادِم فَأخْبر هَارُون فَضَحِك، وَقَالَ: مُرْ لحفص بْن غياث بِثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم، فَركب يحيى بْن خَالِد فَاسْتقْبل حفصًا منصرفًا من مجْلِس الْقَضَاء، فَقَالَ: أيُّها القَاضِي! قَدْ سررتَ أَمِير الْمُؤمنِينَ الْيَوْم وَأمر لَك بِثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم، فَمَا كَانَ السَّبَب فِي هَذَا؟ قَالَ: تَمّم اللَّه سُرُور أَمِير الْمُؤمنِينَ وَأحسن حفظه وكلاءته، مَا زدتُ عَلَى مَا أفعل كلَّ يَوْمَ، قَالَ: عليّ ذَلِكَ؟ قَالَ: مَا أعلم إِلَّا أَن يكون سَجّلْتُ عَلَى مرزبان الْمَجُوسِيّ بِمَا وَجب عَلَيْهِ، فَقَالَ يحيى بْن خَالِد: بِهَذَا سُرَّ أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَقَالَ حَفْص: الْحَمد لله كثيرا، فَقَالَت أم جَعْفَر لهارون: لَا أَنَا وَلَا أَنْت إِلَّا أَن تعزل حفصًا، فَأبى عَلَيْهَا، ثُمَّ ألحّت عَلَيْهِ فَعَزله عَنِ الشرقية وولاه الْقَضَاء على الْكُوفَة فَمَكثَ عَلَيْهَا ثَلَاث عشرَة سنة، وَكَانَ أَبُو يُوسُف لمّا وُلّي حَفْص قَالَ لأَصْحَابه: تَعَالَوْا نكتبْ نوادرَ حَفْص، فَلَمّا وَردت أَحْكَامه وقضاياه عَلَى أَبِي يُوسُف قَالَ لَهُ أَصْحَابه: أَيْنَ النَّوَادِر الَّتِي زعمت نكتبها؟ فَقَالَ: وَيحكم! إِن حفصًا أَرَادَ اللَّه فوفّقه. قَالَ ابْن مخلد: قَالَ أَبُو عليّ: سَمِعت أَبَا عليّ حَسَن بْن حَمَّاد سجادة يَقُولُ: قَالَ حَفْص بْن غياث: وَالله مَا وليت الْقَضَاء حَتَّى حَلّت لِيَ الْميتَة، وَمَات يَوْمَ مَاتَ وَلم يُخَلّف درهما وَخلف عَلَيْهِ تسع مائَة دِرْهَم دَيْنًا، قَالَ سجادة: وَكَانَ يُقَالُ: خُتِم الْقَضَاء بحفص بْن غياث.

لَا يَسْتَحْيي أَحَدُكُمْ من التّعَلُّم
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْفَتْح القلانسي، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْن أبي عَمْرو الشَّيْبَانيّ، عَنْ أَبِيه، عَنْ أبي عَبْد الرَّحْمَن الطَّائِي، قَالَ: قَالَ لي عَبْد اللَّه بْن زَيْدُ القَيْسيّ: بَينا أَنَا وَاقِف عَلَى رَأس ابْن هُبَيْرة وَبَين يَدَيْهِ سِمَاطَانِ من وُجُوه النّاس إِذْ أقبل شَاب لَمْ أر فِي مثل جماله وكماله، حَتَّى دنا من ابْن هُبَيْرة فَسلم عَلَيْهِ بالإمرة فَقَالَ: لَهُ: أصلح اللَّه الْأَمِير، امرؤٌ قدحته كُربة، وأوحشته غُربة، ونأتْ بِهِ الدَّار، وَحل بِهِ عَظِيم، خَذَله أخلاؤُه، وشمت بِهِ أعداؤه، وأسلمه الْبعيد، وجفاه الْقَرِيب، فَقُمْت مقَاما لَا أرى لي مُعَولا ولَا حازبا إِلَّا الرَّجَاء لله تَعَالَى وحُسن عَائدة الْأَمِير، وَأَنا أصلح اللَّه الْأَمِير مِمَّن لَا تُجهل أسرته وَلَا تضيع حرمته، فَإِن رَأَى الْأَمِير - أصلحه اللَّه - أَن يسدَّ خَلتي وَيجْبر خصاصتي يفعل، فَقَالَ ابْن هُبَيْرة: مَنِ الرَّجُل؟ قَالَ: من الَّذِينَ يَقُولُ لَهُم الشَّاعِر:
فَزَارةُ بَيت العزِّ والعزُّ فِيهِمُ ... فَزَارَة قَيسٍ حَسْبَ قيس فَعَالُها
لَهَا الْعِزَّة القصوى مَعَ الشّرف الَّذِي ... بناه لقيس فِي الْقَدِيم رِجالُها
وَهل أحدٌ إِن مدَّ يَوْمَا بكفه ... إِلَى الشَّمْسِ فِي مجْرى النُّجُوم ينالها
لهيهات مَا أعيا القرونَ الَّتِي مَضَت ... مآثر قيس واعتلاها فعالها

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 153
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست