responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 136
عَظِيم وألقته عَلَى الخَنْدَق لَيْلًا ثُمَّ جَازَت عَلَيْهِ فَغشيَ عَلَيْهَا، فَلَمّا أفاقت قَالَتْ: إِنِّي لَمْ أكن أتعب، فَمَتَى أصابني هَذَا فشدوني وثاقًا ثُمَّ سِيرُوا بِي، فَخرجت مَعَ خَادِمهَا وغلامها ودليلها، لَا يَعْلَمُ بهَا أحد، فسارت حَتَّى دخلت دمشق عَلَى عَبْد الْملك بْن مَرْوَان، فَأَتَت أم أيّوب بِنْت عَمْرو بْن عُثْمَان بْن عَفَّان، وَكَانَت أمهَا بِنْت ذُؤَيْب بْن حلحلة الْخُزَاعِيّ، قَالَتْ: يَا أم أَيُّوب قصدتك لمر بهظني وغم كظمني وأعلمتها الْخَبَر وقصت عَلَيْهَا الْقِصَّة، فَقَالَت أم أَيُّوب: قَدْ: كنت أسمع أَمِير الْمُؤمنِينَ يكثر ذَكَرَ صَاحبك وَيظْهر التلظي عَلَيْهِ، قَالَتْ: وَأَيْنَ رحلتي إِلَيْكَ؟ قَالت: سأدخلك مدخلًا وأجلسك مَجْلِسا إِن شفّعت فَفِيهِ، وَإِن رددت فَلا تنصبي، فَلا شَفَاعَة لَك بعده فأجلستها فِي مجلسها الَّذِي كَانَتْ تجْلِس فِيهِ لدُخُول عَبْد الْملك لَيْلًا، وَجَلَست أم أيّوب قَرِيبا مِنْهَا فَقَالَت لَهَا: إِذَا دَخَلَ فشأنك، فَدخل عَبْد الْملك لَيْلًا مغترًا، فَلَمّا دنا أخذت بِجَانِب ثَوْبه ثُمّ قَالَت: هَذَا مَكَان العائذ بك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَفَزعَ عَبْد الْملك وَأنكر الْكَلَام، فَقَالَت أم أيّوب: مَا يفزعك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ من كَرَامَة سَاقهَا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْكَ! فَقَالَ: عذت معَاذًا، فَمن أَنْت؟ قَالَتْ: تُؤَمن يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ من جئْتُك فِيهِ من كَانَ من خَلْق اللَّه تَعَالَى مِمَّن تعرف أَوْ لَا تعرف، مِمَّن عظم ذَنبه لديك أَوْ صغر شاميًا أَوْ عراقيًا أَوْ غَيْر ذَلِكَ من الْآفَاق؟ قَالَ: نَعَمْ، هُوَ آمن، قَالَتْ: بِأَمَان اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ أمانك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَمن هُوَ أيتها الْمَرْأَة؟ قَالَتْ: عَبْد اللَّه بْن فضَالة، قَالَ: أرسلي ثوبي أنبئك عَنْهُ، قَالَتْ: أغدرًا يَا بني مَرْوَان؟ قَالَ: لَا، أرسلي ثوبي أحَدثك ببلائك عِنْدَهُ، وَهُوَ آمن لَك ولمعاذك قَالَتْ: فَحَدثني يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ببلائك عَنده، قَالَ: ألم تعلمي أَنِّي وليته السوس وجندي سَابُور وأقطعته كَذَا وَكَذَا وفرضت لَهُ كَذَا ونوهت بِذكرِهِ وَرفعت من قدره؟ قَالَتْ: بلَى وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أَفلا أحَدثك ببلائه عنْدك؟ قَالَ: بلَى، قَالَتْ: أتعلم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن دَاره هدمت ثَلَاث مَرَّات بسببك لَا يسْتَتر من السَّمَاء بِشَيْء، قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: أفتعلم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أنَّكَ كتبت إِلَى وُجُوه أَهْلَ الْبَصْرَة وأشرافها وكتبت إِلَيْهِ فَلم يكن مِنْهُم أحد أجابك وَلَا أطاعك غَيره، قَالَ: نَعَمْ قَالَتْ: أفتعلم أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ زلته سَيْفا لَك عَلَى أعدائك وسلمًا وبساطًا لأوليائك قَالَ: نَعَمْ، حَسبك قَدْ أجبْت وأبلغت، قَالَتْ: أفيذهب يَوْمَ من إساءته بِصَالح أَيَّامه وطاعته وَحسن بلائه، قَالَ: لَا، هُوَ آمن، قَالَتْ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّه الدما وَإنَّهُ الحَجَّاج وَإنَّهُ إِن رَآهُ قَتله، قَالَ: كَلا، قَالَتْ: فالكتاب مَعَ الْبَرِيد يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، قَالَ: فَكتب لَهَا كتابا مؤكدا: إياك وإياه أحسن جائزته
ورفده وخل سَبيله، ثُمَّ وَجه بِهِ مَعَ الْبَرِيد، ثمَّ أقبل عَلَيْهَا فَقَالَ: مَا أَنْت مِنْهُ؟ قَالَتْ: امْرَأَته وَابْنَة عَمه، قَالَ: فَضَحِك وَقَالَ: أَيْنَ نشأت، قَالَتْ: فِي حجر أَبِيهِ، قَالَ: فوَاللَّه لأَنْت أعرب مِنْهُ وأفصح لِسَانا، فَهَل مَعَه غَيْرك؟ قَالَتْ: نَعَمْ، ابْنَة عُبَيْد بْن كلاب، قَالَ: النميري قَالَتْ: نَعَمْ، وَكَذَا وَكَذَا جَارِيَة، قَالَ: فَأَنا أوليك طَلاقهَا وَعتق جواريه، قَالَتْ: بل تهنيه نِسَاءَهُ كَمَا هنأته دَمه، فَأقبل عَلَى أم أَيُّوب فَقَالَ لَهَا: يَا أم أيّوب لَا نسَاء إِلَّا بَنَات الْعم. ثُمَّ قَالَ: أقيمي عِنْدَ أم أَيُّوب حَتَّى يَأْتِيك الْكتاب بمحبتك إِن شَاءَ اللَّه، وقدِم الْكتاب وَقد قَدِمَ بِهِ على الْحجَّاج من خُرَاسَان، فأقامه للنَّاس فِي سَرَاوِيل وَقد كَانَ نزع ثِيَابه قَبْلَ ذَلِكَ وَعرضه عَلَى النّاس فِي الْحَدِيد ليعرفوه، فَلَمّا أَمْسَى دَعَا بِهِ الحَجَّاج فَقَالَ لَهُ عَبْد اللَّه: أتأذن لي فِي الْكَلَام؟ قَالَ: لَا كَلَام سَائِر الْيَوْم، قَالَ: فَكَسَاهُ وَحمله وَأَجَازَهُ وخلى سَبيله، وَانْصَرف إِلَى أَهله فَسَأَلَهُمْ عَن حبه، فَأخْبر بأمرها وَقيل لَهُ: مَا نَدْرِي أَيْنَ تَوَجَّهت، ثُمَّ بلغه مَا صنعت، فَكتب إِلَيْهَا: إِنَّك قد صنعت مَا لم تصنع أُنْثَى فأعلميني بمقدمك أتلقاك ويتلقاك النّاس معي، فَلم تعلمه حَتَّى قدمت لَيْلًا وَهُوَ عِنْدَ ابْنَة عُبَيْد بْن كلاب، فَقَالَت: لَا وَالله لَا يُؤذن بِي اللَّيْلَة، فَلَمّا أصبح، أخبر بمكانها فَأَتَاهَا. رفده وخل سَبيله، ثُمَّ وَجه بِهِ مَعَ الْبَرِيد، ثمَّ أقبل عَلَيْهَا فَقَالَ: مَا أَنْت مِنْهُ؟ قَالَتْ: امْرَأَته وَابْنَة عَمه، قَالَ: فَضَحِك وَقَالَ: أَيْنَ نشأت، قَالَتْ: فِي حجر أَبِيهِ، قَالَ: فوَاللَّه لأَنْت أعرب مِنْهُ وأفصح لِسَانا، فَهَل مَعَه غَيْرك؟ قَالَتْ: نَعَمْ، ابْنَة عُبَيْد بْن كلاب، قَالَ: النميري قَالَتْ: نَعَمْ، وَكَذَا وَكَذَا جَارِيَة، قَالَ: فَأَنا

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 136
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست