قَالَ أَبُو الْحَسَن بنان: وإذا قمت من المائدة وقد تعذيت فأقعد فِي وسط الدار يضربك الهواء, وادع بالشراب, فَإِن أتوك بنبيذ فَهُوَ أحب إلي رطلًا أَوْ رطلين, ولا تصب فِيهِ ماء, وإن أتوك بفقاع فلا تكثر منه فَإِن كثرته تغثي, وإن حلفوا عليك فأدخلوك الْبَيْت فلا تقعد فِي الصدر؛ فَإِن القعود فِي الصدر قعود مغن أَوْ مخرف, إِن أردت أَن تقضي حاجة أَوْ تبول يصعب عليك القيام, وتستحي مِمَّن فِي المجلس من قيامك وقعودك, قاقعد بجنب الباب؛ وإن كَانَ فِي الْبَيْت فاكهة كثيرة, فاجذب منها إليك ولا تأمن أَن تذهب وتبقى أَنْتَ بلا شَيْء. ولا تكن أَنْتَ الساقي, وكن ذنبًا ولا تكن رأسًا. وإن كَانَ فِي المجلس مغنية وغلام حسن الوجه, فاتق اللَّه فِي نفسك ولا تولع بواحد منهم والزم العافية, وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى فِي كتابه: (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) (20 سورة طه الآية: 131) . وإذا دار النبيذ فِي الأقداح, فأنظر خير نبيذ يَكُون فِي مجلسك, فخذ قنينة وقدحًا وأشرب وحدك, وإذا رأيتهم يخلطون فِي
اسم الکتاب : التطفيل وحكايات الطفيليين المؤلف : الخطيب البغدادي الجزء : 1 صفحة : 156