هذا رسولٌ قد أتاك مبشراً ... بطروق من تهوى بليلٍ أليل
فارجع إلى الله المهيمن واصطبر ... فأجبته صبري عليه معول
قد كان أوعدني بوصلي وانثنى ... عني وعاد إلى الصدود الأول
أشكو إلى اله المعذب مهجتي ... العاشق الحب الثقيل المحمل
ماذا عليه لو رثى لتذللي ... لما رمى بسهامه في مقلتي
يا عاذلي لا تلح من هو مغرم ... صب خفيف العقل غير محصل
لم لا تردوا عذلكم عن ثابت ... لو حركته الريح لم يتخلخل
من أطيب الطيب الثناء على الفتى ... طيب يقم على الزمان الأول
يا عاذل المشتاق دعه فإنه ... في حيرةٍ من طول لوم العذل
ومن ذلك:
إذا قال من يلحا على الحب لا تبح ... بحبك قلت الدمع باح فما ذنبي
فهل يا رسول الحب للقلب راحة ... إذا كان دمعي لا يمل من السكب
خف الله في صبٍ يموت بحسرةٍ ... وكن يا رسول الحب داعٍ إلى الحب
ورغبه في وصلي عساه يرق لي ... فيرحم قلبي من معالجة الكرب
عسى الله أن يثنيه بعد صدوده ... فيسكن قلب الصب من شدة الرعب
فديتك كن عوني عليه فإنه ... يخفف وجد الهائم الدنف الصب
أقيه الردى من جائرٍ غير عادلٍ ... ومن ظالمٍ يجفو الكئيب بلا ذنب
لقد رزق العذال منه محبة ... وتر بهم حتى حسدت على القرب
ألا بأبي من صد عني تذللاً ... ومن زاد قدراً في التتايه والعجب
إذا كان من يلحا على العجب ناصحاً ... لقلبي فليلزمه صبراً على العتب
ومن ذلك:
ألا بأبي من قال كف عن الشكوى ... ولم يدر ما ألقاه من شدة البلوى
فقلت له قد والنبي سبيتني ... وتيمني تفتير مقلتك الكحلا
فديتك في وصلي حياتي فجد بها ... ولا ترضى لي إلا بما يحسن العقبى
خف الله في قتلي وجد بزيارتي ... فلي كبد حراً ولي مقلة عبرا
أغث كبدي يا من عليه معولي ... فإن الذي بي من جوى الحب ما يخفى
أيرضيك ما ألقى ويأتيك مخبرٌ ... بمثل الذي أشكو ولا تسمع الشكوى
أكذب بالأخبار عنك لأنني ... على ثقةٍ بالعفو منك على الأعدا
فكن منقذي من طول وجدي ولوعتي ... فقد كدت من التلذذ أن أطغا
فديتك لم أحلف بما قال عاذلي ... وما رابني منه سوى كثرة النجوى
ألا ليتني منكم تزودت نظرة ... وإن كان خير الزاد للمؤمن التقوى
ومن ذلك:
يا عتب فيم صددت عن صبٍ ... قد ذاب من خوفٍ ومن رعب
من ينس لا أنس الوداع وقد ... سفحت دموع العين بالسكب
ومعنفي قد قال فيم ولم أعدلت قلت أسى على الحب
لما رأيت حداتهم سحراً قد قوسوا أيقنت بالكرب
قد والنبي أطال بعدهم ... سقمي وصيرني بلا قلب
إن حرموا وصلي فإنهم ... قد حللوا قتلي بلا ذنب
لا وأخذ الله العذول فقد ... أضنى فؤاد الصب بالعتب
ماذا عليه إذا شكوت له ... لو كان أرشدني إلى الطب
لو كان ينظر لي برحمته ... أغنى عن الشكوى إلى الصحب
يا عتب في كبدي لهجرك ما ... قد شاع في شرقٍ وفي غرب
عجب الورى من ضعف امرأةٍ ... فتكت بكل القادة الغلب
الباب الثالث
في الأشعار المتضمنة للأثر المنيف
لقد صد من غير اجترامٍ بلا ذنبٍ ... فلي أدمع تنهل بالمدمع السكب
جناني على شوقي إليه وإنه ... ليعلم أني ما أفيق من الحب
عليه من الصب السلام تحية ... وإن هو لم يعطف بوصلٍ على الصب
عليه السلام الدائم الدهر ما بدت ... من الشرق شمس ثم مالت إلى الغرب
ألا حبذا من لي إذ شكوت ما ... أكابده من شدة الوجد والكرب
وهل بد لي من أخذ قلبك كارهاً ... وإن شئت طوعاً أو تعيش بلا قلب
فقلت له قد أمرض القلب سكرة ... فلا تبله من بعد ذلك بالرعب
فأنت كياني عند كل ملمةٍ ... فمن على سقمي فديتك بالطب
وجد لي ولو في النوم يا أحسن الورى ... بوعدٍ إذا لم ترض لي منك بالقرب
فديتك إن كانت تسرك ذلتي ... ويا من زها حسناً على العجم والعرب