وقال ما كنت لأمكّنكم من جاري، وفخر بذلك قومه، فقال هلال بن معاوية التَّغلبي:
ومنا الكريم أبو حنبل ... أجار من الناس رِجْل الجراد
وزيد لنا والنا حاتم ... غياث الورى في السنين الشداد
وفعل مثله رجل من بني عبد الله بن كلاب يقال له همَّام وبات بأرض خلاء ليس معه أحد، فأوقد ناراً وكان صاد صيداً، فلما رأى الذئب النار أتاها، وذلك من شأنه إذا رأى النار، فلما قرب الذئب منه وهو غَرْثان أقبل يتقرش ما يرميه همَّام من العظام ولا يراه، فلما تبينه رمى إليه بقية صيده ولم يرعه، وأنشأ يقول:
يا رب ذئب باسل مقدامِ ... منجرد في الليل والإظلامِ
عاود أكل الشاء والأنعامِ ... قد ضافني في الليل ذي التمامِ
في ليلة دانية الارزامِ ... يقرش ما ألقي من العظامِ
فبات في أمني وفي ذمامي ... مستدفئاً من لهب الضرامِ
آثرته بالقسم من طعامي ... ولا يخف نبلي ولا سهامي
ولو أتى غيري من الأقوامِ ... من اللئام لا من الكرامِ
إذن للاقى عاجل اِلحمام
وأخبرني من وثقت بصدقه عن رجل من جلَّة أهل همذان، أن الثلج كثر في ضياعه حتى لجأت إليها عانات كثيرة، فأخذها وكلاؤها ولم يحدثوا فيها حدثاً، وكتبوا إليه بخبرها، فكتب إليهم أن أقيموا لها قضيماً