responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البلاغة العربية المؤلف : الميداني، عبد الرحمن حبنكة    الجزء : 1  صفحة : 489
البر والبحر حتى إِذَا كُنتُمْ فِي الفلك} ، وبَعْدَ ذَلِكَ انْتَقَلَ الْكَلامُ إلى أسْلُوب الحديث عن الغائب: {وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَآءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ} .
وفائدة هذا الالتفات بيانُ أنّ الذين تكون منهم هذه الظاهرة التي تحدّث عنها النّصّ ليسوا جميع المخاطبين، بل هم فريق منهم، فمن الحكمة الحديث عنهم بأسلوب الحديث عن الغائب، مع ما في الحديث عن الغائب من الإِعراض المشعر بالتأنيب على ما يكون منهم، وقد جاء في النصّ بعد ذلك تأنيبُهُمْ صراحةً فقال تعالى:
{ياأيها الناس إِنَّمَا بَغْيُكُمْ على أَنفُسِكُمْ مَّتَاعَ الحياة الدنيا} ولَوْ تتابع الكلامُ وفْقَ أُسْلُوب الْخِطاب دون ما حصل في النصّ من الالتفات لكان التأنيب مُوَجّهاً لكلّ الناس، مع أنّ فيهم صالحين لا تظهر منهم هذه الظاهرة القبيحة من الظواهر المنافية للسلوك الدّيني المطلوب من العباد.
* وقول الله عزّ وجلّ في سورة (الأنبياء/ 21 مصحف/ 73 نزول) في معرض بيان خطابه لِجَمْعٍ كبيرٍ من الأنبياء المرسلين الذين جاء ذكرهم في السورة:
{إِنَّ هاذه أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فاعبدون * وتقطعوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ} [الآيات: 92 - 93] .
يظهر لنا في هذا النصّ نَظِيرُ ما ظهر لنا في النَّصّ السّابق، فالذين تقطَّعُوا أَمْرَهم بَيْنَهُمْ لَيْسُوا كُلَّ أتباعِ الرُّسُل، إذْ فيهم من حافظوا على وحدة الأمّة الرَّبَّانيَّةِ، ولم يَتَنكَّبُوا صِراطَ الله، وحينما بعثَ الله الرَّسُولَ الخاتم اتَّبعوه مؤمنين بأنَّ أُمَّتَه هُمْ أُمَّةُ الرُّسُلِ الذين جاءوا قبله، تلاحقت مواكبهم، إذْ هُمْ رُسُلُ مُرْسلٍ واحدٍ، يَقُودون أمَّةً واحدةً على صراط الله المستقيم.
* وقول الشاعر:
أَأَذْكُرُ حَاجَتِي أَمْ قَدْ كَفَانِي ... حَيَاؤُكَ إِنَّ شِيمَتَكَ الْحَيَاءُ

اسم الکتاب : البلاغة العربية المؤلف : الميداني، عبد الرحمن حبنكة    الجزء : 1  صفحة : 489
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست