الكلام العربي: "المطر نَزَل" أو "المطر يَنْزِل" شاعراً بأن المخاطَبَ العربيّ الْقُحَّ يفهم من هذه الصيغة قوَّةً وَتأكيداً، أو غرضاً ما تساعد على فهمه القرينة، وهذا الغرض دعاه إلى تقديم المسند إليه على المسند.
ويظهر للباحث من تحليل عبارة "المطر نزل" أو عبارة "المطر ينزل" أنّهما تشتملان على عاملين غير موجودين في "نزل المطر" وفي "يَنْزِل المطر" وهما:
العامل الأول: تقديم لفظ المسند إليه "المطر" المشعر بأنَّه محل اهتمام المتكلّم أو المخاطب، إذ الأصل فيه التأخير، ومعلومٌ أنّ النفس تتّجه دواماً للبدْءِ بما هو محلُّ اهتمامها.
العامل الثاني: شعور الناطق العربي الْقُحّ بأن في فعل "نزل" المتأخر عن "المطر" وفي فعل "ينزل" أيضاً ضميراً مستتراً يعودُ على المطر، فهو في عبارتَيْهِ يلاحظ أنّه يُسْنِد النزول إلى المطر مرّتين، ففي الأولى يُسْنِدهُ إلى لفظ "المطر" وفي الأخرى يسنده إلى ضميره المستتر.
وقد يُحَوِّل الناطق العربيّ الْقُحُّ تعبيره إلى جملة مبتَدَؤُها وخبرها اسمان وفيها تحقيق ما يريد من قوّة، ما يريد من إشعارٍ بالْبَدْءِ بما هو محَلُّ اهتمامه، أو محلُّ اهتمام المخاطب، فيقول: "المطرُ نَازِلٌ من السماء" أو "المَطَرُ مُنَزَّلٌ من السماء" إذْ يُدرِكُ أنّ في الخبر "نَازِل - مُنزّل" ضميراً مستتراً يعود على المبتدأ، فالأول "اسم فاعل" والثاني "اسم مفعول" وهما يحملان الضمير كالفعل، ويعملان عمله.
وقد نلاحظ في استعمالات العرب الفصحاء البلغاء لتقديم المسند إليه وفق البيان السابق، أنّ التقوية المستفادة من هذا التقديم قد ترقَى إلى مستوى التخصيص والحصر، ولا سيما المسند إليه المسبوق بنفي، مثل أن يقول المتهم بسرقةِ مَنْزِلٍ