اسم الکتاب : البرصان والعرجان والعميان والحولان المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 39
وأتمّ الفرسان في الحرب آلة من عرف المفرّ كما يعرف المكّر.
يقول: فلست كمن يستفرغه وهل الجبان، ولا كالذي يعجل فيلجم ذنب فرسه ويركبه مشكولا [1] ، ويركله برجله وهو مقيّد، وينزل عن ظهره، ويظنّ أنّ سعيه على رجليه أبلغ من ركض فرسه في النّجا [2] . قال زيد الخيل:
أقاتل حتّى لا أرى لي مقاتلا ... وأنجو إذا لم ينج إلا المكيّس
ولست بذي كهرورة غير أنّني ... إذا طلعت أولى المغيرة أعبس [3]
وقال الحارث بن هشام:
الله يعلم ما تركت قتالهم ... حتّى رموا فرسي بأشقر مزبد [4]
فصددت عنهم والأحبّة فيهم ... طمعا لهم بعقاب يوم مفسد [5]
وعلمت أنّي إن أقاتل واحدا ... أقتل ولا يضرر عدوّي مشهدي
يقول: ليس من الصواب أن أقف موقفا أقاتل فيه باطلا. وقال عمرو بن معد يكرب: [1] شكل الفرس بالشّكال: شدّ قوائمه بحبل. [2] النجا، بالقصر وبالمد: السرعة.
[3] الكهرورة، بالضم: الانتهار لمن خاطبه وتعبيس الوجه له. وفي الأصل: «أعيس» بالياء المثناة، صوابه بالباء كما في اللسان (كهر) ونوادر أبي زيد 79.
[4] قال هذا الشعر يعتذر من فراره يوم بدر. السيرة 523 جوتنجن، وعيون الأخبار 1: 169، والأغاني 4: 17، والعقد 1: 140/5: 336. والأشقر المزبد: يعنى به الدم الذي قد علاه الزّبد. وكان حسان قد عيّره بفروه إذ يقول:
إن كنت كاذبة الذي حدثتني ... فنجوت منجى الحارث بن هشام
ترك الأحبة أن يقاتل فيهم ... ونجا برأس طمرّة ولجام
ديوانه 363، والسيرة 522، وعيون الأخبار 1: 169، والعقد 1: 144.
[5] الأحبة، يعنى بهم من قتل أو أسر من رهطه وإخوته.
اسم الکتاب : البرصان والعرجان والعميان والحولان المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 39