اسم الکتاب : البرصان والعرجان والعميان والحولان المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 173
والاقتسار [1] للعدوّ.
ومن ذلك حضور صلاة الجماعة. ولم يجعل رسول الله في ذلك الدهر لابن أمّ مكتوم، [2] وهو أعمى عديم القائد، عذرا في التخلّف، إذ كان يسمع النّداء. ولو قصّر في ذلك العميان في بعض الحالات لم يكن حرجا، ولا عند تلك الجماعة مبهرجا، وإنّما جاز ذلك اليوم لاستفاضة الإسلام وعلوّه على أعدائه وظهور شأنه وتمكّن أركانه، فصاروا كما قال الله: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)
[3] . ألا ترى أنّه ليس على ظهرها بلد يناله الأخفاف والحوافر إلّا وهو مأخوذ عنوة أو صلحا على إعطاء الجزية، ولم يبق إلّا من اعتصم برءوس الجبال ولجج البحار، وبالوغول في الأوغال [4] ، أو ملك خضع للصّلح وإعطاء بعض الخرج [5] ، فوسم نفسه بالذلّة، وشهرها بإعطاء الجزية. وقد ذكر الحارث الأعرج النّابغة الذّبيانيّ فقال:
هذا غلام حسن وجهه ... مستقبل الخير سريع التّمام [6] [1] الاقتسار: الغلبة والقهر. وفي الأصل: «والاقترار» . [2] هو عبد الله أو عمرو بن أم مكتوم، كما في السيرة 432. وهو الذي نزلت فيه سورة (عبس) . وهو عبد الله بن شريح بن مالك بن ربيعة الفهري. وأم مكتوم هي أم أبيه واسمها عاتكه. وكان ابن أم مكتوم خال خديجة رضي الله عنها. تفسير أبي حيان 8: 427- 428، والفخر الرازي 8: 331، والإصابة 4737، 5759 حيث يختلف في تعيين اسمه. وفي الأصل هنا «عبد الله بن مكتوم» تحريف.
[3] من الآية 33 من سورة التوبة، و 9 من الصف. [4] الوغول: الدخول والإمعان. والأوغال: جمع وغل، وهو الشجر الملتف، وأنشد أبو حنيفة:
فلما رأى أن ليس دون سوادها ... ضراء ولا وغل من الحرجات. [5] الخرج، بالفتح: الخراج، وهو شيء يخرجه القوم في السنة من مالهم بقدر معلوم.
[6] الأبيات من مقطوعة في ديوانه 125 يهنىء بها النعمان بن الحارث الأصغر، وكان قد-
اسم الکتاب : البرصان والعرجان والعميان والحولان المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 173