اسم الکتاب : البرصان والعرجان والعميان والحولان المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 169
ومن البرصان:
علّويه المغنّي
وهو علّويه الأعسر [1] ، وأبوه الذي كان يقال له ابن القدريّ. وكان راوية للغناء عالما به جيّد الصنعة، وهو أحد مطربي عصره، لم يكن في ذلك العصر أبلغ في الإطراب من مخارق [2] وعلّويه، وكان يضرب بالعسراء [3] من غير أن يغيّر الأوتار.
وكان صحيح الضّرب صافي الوتر. وكان إذا عالما تحدّث بعد أن يضع العود من يده لم يستوحش من حسن حديثه إلى غنائه وصوته [4] . فإن حكى تصوّر في كلّ صورة، وأضحك الثّكلان والغضبان. وكان جيّد الفرشة ظريف الآنية.
وحدّثني عن نفسه حديثين عجيبين، قال لي ونحن في منزل بعض مياسير أهل الكرخ: لو أخبرك مخبر أن علّوية دخل الكرخ اليوم يبتاع طيلسانا مطبقا [5] ، إذ كان لا يملك طيلسانا، أكنت تصدّق؟ قلت: لا [1] هو أبو الحسن علي بن عبد الله بن يوسف، الملقب بعلوية، كان مغنيا حاذقا، مع خفة روح وطيب مجالسة، وملاحة نوادر. وكان إبراهيم الموصلي علّمه وخرّجه وعني به جدّا. وغنّى لمحمد الأمين وعاش إلى أيام المتوكل. ومات بعد إسحاق الموصلي بمديدة يسيرة.
الأغاني 10: 115- 125، ونهاية الأرب 5: 9- 13. [2] هو مخارق بن يحيى بن ناوس الجزار، مولى الرشيد، وهو الذي كناه «أبا المهنّا» وكان وهو صبي ينادي على ما يبيع أبوه من اللحم. اشتراه إبراهيم الموصلي وأهداه للفضل بن يحيى، فأخذه الرشيد منه ثم أعتقه، وكان من أحذق الناس بالغناء، كان الواثق يقول: علوية أصح الناس صنعة بعد إسحاق، وأطيب الناس صوتا بعد مخارق. فهو قد أدرك زمان الواثق ومات سنة 231. الأغاني 21: 143- 159، ونهاية الأرب: 4: 304- 312 وانظر أيضا الأغاني 10: 117، والنجوم الزاهرة 2: 260. [3] العسراء: اليد اليسري. زاد في الأغاني 10: 117: «وكان عوده مقلوب الأوتار.
البمّ أسفل الأوتار كلها، ثم المثلث فوقه، ثم المثنى، ثم الزّير. وكان عوده إذا كان في يد غيره مقلوبا على هذه الصفة، وإذا كان معه أخذه باليمنى وضرب باليسرى، فيكون مستويا في يده، ومقلوبا في يد غيره، وانظر نهاية الأرب 5: 9- 13» . [4] يقال استوحش منه: لم يأنس به. [5] الطيلسان: ضرب من الأوشحة يلبس على الكتف، أو يحيط بالبدن، خال عن-
اسم الکتاب : البرصان والعرجان والعميان والحولان المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 169