اسم الکتاب : البديع في نقد الشعر المؤلف : أسامة بن منقذ الجزء : 1 صفحة : 132
وقال ابن حسان بن ثابت لمعلمه:
اللهُ يعلم إني كنتُ منفرداً ... في دارِ حسانَ أصطادُ اليعاسيبا
ومنه:
جفون حبيّ بطرفها مرضٌ ... أرزت بسقم الجفون والمرضِ
فلو أصابتْ سهامها قتلتْ ... لكنها نكبت عن الغرضِ
باب
الظرافة والسهولة
اعلم أن أشعار العرب والمحدثين قد ورد فيهما الظريف السهل، كقول بعضهم:
هوى صاحبي ريحُ الشمال إذا جرتْ ... وأشفى لقلبي أن تهبَّ جنوبُ
يقولون: لو عزيت قلبك لارعوى ... فقلتُ: وهلْ للعاشقينَ قلوبُ
وللمسلمي:
حمليني كلَّ لائمةٍ ... كلّ ما حملتِ محمولُ
واحكمي ما شئتِ؛ واحتكمي ... فحرامي فيكِ تحليلُ
والذي أرجو النجاةَ بهِ ... ما لقلبي عنكِ تحويلُ
ما لداري منك موحشةً ... وضميري منكِ مأهولُ
وأخو حبيك في تعبٍ ... مطلقٌ دهراً ومغلولُ
في بنات الروم لي سكنٌ ... وجهها للشمس إكليلُ
تتعاطى شدَّ مئزرها ... ونطاقُ الخصر محلولُ
شرقتْ بالدمع مقلتها ... فلها بالدمع تفصيلُ
شملنا إذ ذاكَ مجتمعٌ ... وجناح البين مشكولُ
ومنه لأبي تمام:
أقولُ، ود قالوا: استراح بموتها ... من الكربِ: روحُ الموتِ شرّ من الكرب
ومنه:
وقالوا: عزاءً، ليس للموت مدفعُ ... فقلتُ: ولا للحزن إذ ماتَ مدفعُ
ومنه:
وظنّ العواذلُ أنْ قد سلوتُ ... لفقد البكاء فجاؤوا وقالوا:
حقيقٌ، حقيقٌ، وجدتَ السلوَّ ... فقلتُ: محالٌ، محالٌ، محالْ
ومنه:
ولا تحسبا هنداً لها الغدرُ وحدها ... سجيةُ نفسٍ، كلُّ غانيةٍ هندُ
وما خلف أجفاني شؤونٌ بخيلةٌ ... ولا بين أضلاعي لها حجرٌ صلدُ
ومنه:
عارضاً بي ركبَ الحجاز أسائله ... متى عهدهُ بسكان جمعِ
واستملاَّ حديث من سكن الخي ... فَ: ولا تكتباهُ إلاَّ بدمعي
عزني أنْ أرى الديار بعيني ... فلعلي أرى الديار بسمعي
ومنه:
ولي فرسٌ من نسلِ أعوجَ سابقٌ ... ولكنْ على قدرِ الشعير يحمحمُ
وأقصرُ ما قصرتُ فيما يزيدني ... علو، ولكنْ عند من أتقدمُ
وقال الجاحظ في متاب البيان والتبيين: إن بعض المرضى قال:
احملوني إلى الطبيب، وقولوا: قد اكتوى
وروي عن أبي نواس أنه لم تكلم إلا بنصف بيت شعر.
وقال أبو العتاهية: لو أردت ألا أتكلم إلا ببيت شعر لفعلت.
باب
الإغراب
قال قدامة: هو أن يكون المعنى مما لم يسبق إليه على جهة الاستحسان، قال: فيقال: طريف وغريب، إذا كان فرداً قليلاً فإذا كثر لم يسم بذلك ومنه قوله:
وما لبسَ العشاقُ ثوباً من الهوى ... ولا بدلوا إلاَّ الثيابَ التي أبلي
وما شربوا كأساً من الحبِّ مرةً ... ولا حلوةً إلا وشربهمُ فضلي
ومنه:
وشغلتُ عن فهم الحديث سوى ... ما كان منك فإنه شغلي
وأديمُ نحوَ محدثي نظري ... أنْ قدْ فهمتُ، وعنكم عقلي
ولم يمدح الأغنياء والفقراء غير زهير بقوله:
وما كانَ من خيرٍ أتوه فإنما ... توارثه آباءُ آبائهم قبلُ
وهل ينبتُ الخطيَّ إلا وشيجه ... وتغرسُ إلاَّ في منابتها النخلُ
اسم الکتاب : البديع في نقد الشعر المؤلف : أسامة بن منقذ الجزء : 1 صفحة : 132