اسم الکتاب : البديع في البديع المؤلف : ابن المعتز الجزء : 1 صفحة : 8
والتحليل، وأخذت تتكون من تلك الدراسات النواة الأولى للبيان العربي، وظل التقدم الفكري والنضوج الأدبي والعلمي يسير بهذه البحوث والدراسات نحو الكمال المنشود بخطوات كبيرة، وكانت الثقافة البيانية تنمو حين ذاك بجهود ثلاث طبقات:
أ- الأولى طبقة رواة وعلماء الأدب من البصريين والكوفيين والبغداديين؛ من أمثال: خلف والأصمعي وأبي زيد وأبي عبيدة ويحيى بن نجيم وعمرو بن كركرة، وأستاذهم أبو عمرو بن العلاء أعلم الناس بالعرب والعربية[1]، ومن عامة الرواة الذين لا يقفون إلا على البليغ الساحر من الأساليب -كما يقول الجاحظ- دون النحويين واللغويين والإخباريين الذين لم يتجهوا هذا الاتجاه[2]، وبجوار هؤلاء أئمة الشعراء[3] وغيرهم من الخطباء ورجال الأدب الذين تثقفوا بالثقافة العربية.
ب- والثانية طبقة الكُتَّاب الذين لم يرَ الجاحظ قومًا قط أمثل طريقة في البلاغة منهم، والذين التمسوا من الألفاظ ما لم يكن وحشيًّا ولا سوقيًّا[4]، ورأى الجاحظ البصر بهذا الجوهر من الكلام فيهم أعم[5]، وحكم مذهبهم في النقد[6]، ومثلهم المعتزلة وفرق المتكلمين الذين رآهم الجاحظ فوق أكثر الخطباء وأبلغ من كثير من البلغاء[7]، وكان بعضهم من عناصر عربية وتثقفوا بثقافة أجنبية، والآخرون من عناصر أجنبية تثقفت بالثقافة العربية، مما كان له أثره في أصول البيان، وفي توجيه دراسته وبحوثه، وفي الدعوة إلى آراء في الأداب توائم ثقافتهم وعلقيتهم، وكان بعضهم يلقن مذاهبه الأدبية العامة للتلاميذ وشداة الأدب، كما نرى في محاضرة بشر بن المعتمر المعتزلي م210هـ في أصول البلاغة[8]، والتي يقول الجاحظ عنها: إن بشرًا مر بإبراهيم من جبلة بن مخرمة9، [1] 209/ 1 البيان. [2] 224/ 3 البيان. [3] 54/ 1 البيان. [4] 105/ 1 البيان. [5] 225/ 3 البيان. [6] 240/ 1 البيان. [7] 106/ 1 البيان. [8] 104/ 1 وما بعدها البيان، 228 وما بعدها صناعتين.
9 يعده الجاحظ من الخطباء الشعراء 155/ 1 البيان.
اسم الکتاب : البديع في البديع المؤلف : ابن المعتز الجزء : 1 صفحة : 8