اسم الکتاب : البديع في البديع المؤلف : ابن المعتز الجزء : 1 صفحة : 174
وقال آخر "من الطويل":
عشىّ وداعٍ قبحت من عيشة ... ولكنها لا قبحت من مودع
كأن انحدار الدمع منها تعده ... لها ذات عقد قيل عدي فأسرعي1
وقال آخر "من الخفيف":
لعن الله "لا" فلا ... خلقت خلقة الجلم
إنها تقرض الجميل ... وتأبى على الكرم2
وقال أبو نواس "من الكامل":
وإذا قصرت لها الزمام سما لها ... فوق المقدم ملطم حر
وكأنها مصغٍ لتسمعه ... بعض الحديث بأذنه وقر3
ومن عجائب التشبيه قوله أيضاً "من السريع":
تبكي فتذرى الدر من نرجسٍ ... وتلطم الورد بعنابِ4
وقال آخر5 "من الكامل":
عظمت روادفها فآدت خصرها ... ووشاحها قلق كقلبٍ مغرم6
وقال آخر في البرق "من الرجز":
وتارةً ينبض باستخفاء ... كلمحة من ذي عوى مرائي
أسرها خوفًا من الأعداء7
1 العشى والعشية: من صلاة المغرب إلى العتمة، ولكنها أي المحبوبة. الانحدار: الهبوط، عده: أحصاه، وعدى: أي أحسب. والمعنى شاهدت عشيات الوداع ولا شاه وجه من ودعناه، فلقد فارقنا وهو الوفي المخلص إذا خنقته العبرات وانهمرت منه الدموع متواليات حتى حسبناه في سرعة انهمار دموعه امرأة تحسب وتعد مالها في سرعة فائقة، والمعنى: تساقط الدمع من عينيه كتساقط المال المعدود من يد الحاسب.
2 الجلم: المقص، تقرض: تقطع.
3 الزمام: مقود الدابة. سما: علا. المقدم: ضد المؤخر، ويقال: ضرب مقدم وجهه. الملطم: الوجه لأنه موضع اللطم، وأصغى: استمع في إنصات. القر: الثقل.
4 الدر: يريد به قطرات الدموع. أزرت العين دمعها: حبسته. النرجس معرب وتشبه به العيون. اللطم: ضرب الوجه بباطن الراحة. العناب: ثمر أحمر يشبه به البنان، والورد مستعار للخد.
5 ينسب البيت لعروة بن أذنية الشاعر الغزل فقيه المدينة وقاضيها في عصر بني أمية ووفد على هشام.
6 الروادف: جمع رادفة وهي الكفل. آدت: أثقلت. الخصر: وسط الإنسان. الوشاح: ما يتوشح به، وقلق الوشاح كناية عن ضمور الخصر.
7 نبض العرق: تحرك. استخفى مه استخفاء: توارى. لمحه: أبصره بنظر خفيف، والاسم اللمحة. الهوى: الحب، مرائي: من الرياء، وتراءى الجمعان: رأى بعضهم بعضًا، وفلان يتراءى: أي ينظر إلى وجهه في المرآة. الضمير في أسرها للمحة. الخوف: الحذر. أسر: أخفى. والمعنى: أن البرق حينا يلمح في خفية كما يبدو المحب في سرعة وخفية إذا شاهد الأعداء والوشاة.
اسم الکتاب : البديع في البديع المؤلف : ابن المعتز الجزء : 1 صفحة : 174