اسم الکتاب : الإيضاح في علوم البلاغة المؤلف : القزويني ، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 82
والثالث ما يطابق اعتقاده دون الواقع، كقول الجاهل: "شفى الطبيب المريض" معتقدًا شفاء المريض من الطبيب، ومنه قوله تعالى حكاية عن بعض الكفار: {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} . ولا يجوز أن يكون مجازًا. والإنكار عليهم من جهة ظاهر اللفظ لما فيه من إيهام الخطأ، بدليل قوله تعالى عقيبه: {ومَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إن هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} [الجاثية: 24] ، والمتجوز المخطئ في العبارة لا يوصف بالظن، وإنما الظان من يعتقد أن الأمر على ما قاله.
والرابع ما لا يطابق شيئًا منهما، كالأقوال الكاذبة التي يكون القائل عالمًا بحالها دون المخاطب.
وأما المجاز[1] فهو إسناد الفعل أو معناه إلى ملابس2 له غير [1] المجاز أصله مجوز من جاز المكان تعداه؛ لأن الإسناد تعدى مكانه الأصلى.. وعقلي نسبة للعقل؛ لأن التجوز والتصرف فيه في أمر معقول يدرك بالعقل وهو الإسناد، بخلاف المجاز اللغوي فإن التصرف فيه في أمر نقلي، وهو أن اللفظ لم يوضع لهذا المعنى.
ويسمى مجازًا حكميًّا أي منسوبًا للحكم بمعنى الإدراك، أو أنه نسبة للحكم بمعنى النسبة والإسناد لتعلقه بها. والمراد بالحكم المنسوب إليه والمتعلق به مطلق نسبة سواء كانت إسنادية أو إضافية أو إيقاعية، وحينئذ فهو من نسبة الخاص للعام أومن تعلق الخاص بالعام، فالمجاز كما يكون في الحكم وهو النسبة التامة، يكون في النسبة الإضافية كمكر الليل، والإيقاعية كنومت الليل أي أوقعت النوم عليه.. فالمراد بالحكم الذي تعلق به المجاز ليس خصوص النسبة التامة، بل مطلق نسبة. فالمجاز إذا كان في الإضافية أو الإيقاعية بصدق عليه أنه متعلق بالحكم بمعنى مطلق نسبة من تعلق الخاص بالعام.
ويسمى أيضًا مجازًا في الإثبات لحصوله في إثبات أحد الطرفين للآخر، والتقييد بالإثبات لأشرفيته، فمثل "فما ربحت تجارتهم": جعل من قبيل المجاز لكون إسناد الربح إلى التجارة إسنادًا إلى غير ما هو له، أو أن ما ربحت تجارتهم بمعنى خسرت، فالمجاز العقلي كما يكون في الإسناد المثبت. =
اسم الکتاب : الإيضاح في علوم البلاغة المؤلف : القزويني ، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 82