اسم الکتاب : الإيضاح في علوم البلاغة المؤلف : القزويني ، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 37
حمامة جرعا حومة الجندل اسجعي ... "فأنت بمرأى من سعاد ومسمع"1
وفيه نظر [2]؛ لأن ذلك [3] أن أفضي باللفظ إلى الثقل على اللسان فقد حصل الاحتراز عنه بما تقدم[4]، وإلا فلا يخل بالفصاحة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم. يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم" [5].
1 الشاهد في البيت كثرة الإضافات المتتابعة، ففيه إضافة حمامة إلى جرعى وجرعى إلى حومة، وحومة إلى الجندل.
والجرعى: تأنيث الأجرع قصرها للضرورة وهي أرض ذت رمل لا تنبت شيئًا. والحومة: معظم الشيء. الجندل: أرض ذات حجارة. السجع: هدير الحمام ونحوه. والمعنى أيتها الحمامة التي تعيش أو تحلق في هذا المكان غنى وأصدحي فأنت بحيث تراك سعاد المحبوبة وتسمع صوتك، يقال: فلان بمرأى مني ومسمع، أي بحيث أراه وأسمع قوله كما في الصحاح، ومن الخطأ أن يقال فأنت بموضع ترين منه سعاد وتسمعين كلامها.
ومثل البيت في تتابع الإضافات قول أبي العتاهية:
سبحان ذي الملكوت أي ليلة ... مخضت بوجه صباح يوم الموقف
وقول مسلم:
ثاروا إلى صفق الشمول فأشعلوا ... نيران حرب كؤوسها إشعالًا [2] أي في القول السابق الذي يجعل خلو الكلام من كثرة التكرار وتتابع الإضافات شرطًا لفصاحته. [3] أي كثرة التكرار وتتابع الإضافات. [4] أي بما سبق ذكره من التنافر. [5] يسمى هذا اللون في البديع "الإطراد". ووردت أيضًا مثل للتكرير وتتابع الإضافات غير معيبة، قال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَاْهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُوْرَهَا وَتَقْوَاهَا} . وقال: {مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوْحً} . وقال: {ذَكْرُ رَحْمَةِ رَبِكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا} .
اسم الکتاب : الإيضاح في علوم البلاغة المؤلف : القزويني ، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 37