اسم الکتاب : الإيضاح في علوم البلاغة المؤلف : القزويني ، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 24
إلى أن ينقر[1] عنها في كتب اللغة المبسوطة، كما روي عن عيسي بن عمر[2] النحوي أنه سقط عن حماره، فاجتمع عليه الناس، فقال: ما لكم تكأكأتم علي تكأكؤكم على ذي جنة افرنقعوا عني، أي اجتمعتم تنحوا.
أو يخرج لها وجه بعيد[3] كما في قول العجاج4:
ومقلة وحاجبًا مزججا ... وفاحما ومرسنا مسرجا
1- ينقر: أن ينقش. والكلمة الوحشية هي التي لا تكون مأنوسة الاستعمال عند العرب الخلص من سكان البادية، لا بالنسبة للمولدين.
2- عالم جليل من ثقيف ومن أئمة النحو واللغة ومن المتقعرين في كلامهم توفي عام 150هـ، وتروى هذه القصة عن أبي علقمة النحوي حين هاجت به مرة ببعض طرق البصرة فوثب عليه قوم يعضون إبهامه ويؤذنون في أذنه، وكان أبو علقمة نحويًّا مغربًا في ألفاظه.
وقوله: ذي جنة، أي صاحب جنون.
3- سبب هذا التخريج هو عدم ظهور معنى الكلمة، وسبب التقبيس والتنقير عن الكلمة في المعاجم هو وحشيتها.
وما يحتاج إلى تخريج يعده بعض البلاغيين من التعقيد، والبعض يجعله خطأ، وكلا الوجهين غير صحيح؛ لأن الوارد من هذا الباب إنما مورد من عربي موثوق بعربيته فلا يعد خطأ، كما أن هنا فرقا بين هذا الباب وبين التعقيد؛ لأن التعقيد فيه خطأ ناشئ، عن عدم ظهور الدلالة على المراد. وهنا لا خطأ ولا خفاء في الدلالة فلا تعقيد.
4- شاعر راجز مشهور أدرك الدولة الأموية. والبيت من أرجوزة العجاج "ما هاج أحزانًا وشجوًا قد شجا". وفي أسرار البلاغة ص48 ذكره عبد القاهر مع الاستعارات القبيحة "في قوله: ومرسنا".. المقلة: العين. مزججا: مدققًا مطولًا. فاحما: أي شعرًا أسود كالفحم. المرسن: الأنف ... والشاهد في البيت في قوله مسرجًا فإنه غير ظاهر المعنى. إذ أن العلماء قد اختلفوا في معناه. والحاصل أن مسرجًا اسم مفعول مشتق فلا بد له من أصل يرجع إليه فقيل هو: [1] فعل "بالتشديد" للنسبة مثل كرمته أي نسبته للكرم.
ولما لم يوجد التسريج الذي حق النسبة أن تكون إليه جعلنا مسرجًا منسوبًا للسرج أو للسريجي نسبة تشبيهية أي هو منسوب لهما من حيث أنه شبيه بهما. ووجه بعد هذا التخريج أن مجرد النسبة لا يدل على التشبيه. [2] وقيل أنه من فعل بتشديد العين بمعنى صيرورة فاعله كأصله مثل قوس الرجل أي صار كالقوس، فمسرج أي صائر كالسراج أو كالسريجي.. وهذا مردود بأن سرج على هذا لازم فلا يصاغ منه اسم مفعول. [3] وقيل أنه من فعل بمعنى صيرورة فاعله أصله أو صيرورته ذا أصله مثل عجزت المرأة أي صارت عجوزًا وورق الشجر صار ذا ورق، فمسرج أي صار سراجًا أو سريجًا أي مثل أحدهما أو صار ذا سراج وهذا مردود بما يرد به الوجه السابق.
4 وقيل هو اسم مفعول من سرج الله وجهه أي نوره وبهجه، فمعنى مسرج: منور، فليس فيه نسبة تشبيهية، وهذا وإن لم يكن غريبًا من حيث عدم احتياجه لتخريج بعيد، لكنه بعيد من حيث أنه يحتاج إلى تفتيش عليه في كتب اللغة المبسوطة.
اسم الکتاب : الإيضاح في علوم البلاغة المؤلف : القزويني ، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 24