responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإيضاح في علوم البلاغة المؤلف : القزويني ، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 149
الذي وعى الثقافة العربية وما خالطها من الثقافات في شتى علوم الدين والدنيا، وهضمها وعاصرها زهاء قرن "150-255هـ"، وكان له في صدر شبابه فخر التلمذة على شيوخها في اللغة والأدب وفي علوم الدين والكلام وفي التفكير والمنطق كما كان له فخر صداقة رجال الفكر والسياسة في الدولة، وقد استفاد من وراء هذا وذاك نضوجًا كبيرًا في عقليته وثقافته هيأه لأن يكون محور الثقافة الإسلامية في عصره لا بطلًا من أبطال السياسة والدولة والاجتماع.
ولا يضير الجاحظ أن يكون كما قال بديع الزمان الهمذاني فيه من أحد شقي البلاغة يقطف وفي الآخر يقف[1]، فقد يجيد الرجل في باب من أبواب الأدب دون باب، ولا يغض ذلك من إحسانه فيما أحسن فيه، ولكن البديع أراد الفخر بنفسه على حساب الجاحظ، وليته وقف عند هذا الحد فلم يرم الجاحظ بأنه كلامه يبعد الإشارات قليل الاستعارات قريب العبارات وأنه منقاد لعريان الكلام يستعمله نفور من معتاصه يهمله، وأنه ليس له لفظة مصنوعة وكلمة غير مسموعة[2]. وإنما أراد البديع أنه فوق الجاحظ أدبًا وبيانًا، وهيهات!
وثقافة الجاحظ ثقافة واسعة منوعة تحيط بسائر ألوان الثقافات التي مازجت الثقافة الإسلامية في عصره، فهو عالم من علماء الدين، ومتكلم من الطراز الأول للمتكلمين وعالم يحيط باللغة وبيانها وآدابها إحاطة لا تقف عند غاية، وقد خاض الجاحظ في جداول الثقافات الأخرى التي سرت في تيار الثقافة العربية منذ مشرق القرن الثاني الهجري، وعقلية الجاحظ البعيدة التفكير لا نشك أنها أفادت ذلك من أستاذه النظام ومن علوم الفلسفة والمنطق التي شاعت في البيئة الإسلامية في عصر الجاحظ. ولا شك أن عصر الجاحظ، وعقليته وشغفه بالدراسة والبحث، وعكوفه على القراءة، ونشأته بالبصرة،

[1] ص82 مقامات البديع -المقامة الجاحظية.
[2] ص82 و83 المرجع.
اسم الکتاب : الإيضاح في علوم البلاغة المؤلف : القزويني ، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 149
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست