اسم الکتاب : الأسلوب المؤلف : الشايب، أحمد الجزء : 1 صفحة : 180
فصار أبو تمام علامة التكلف الثقيل، والصنعة الفاسدة في قسم من شعره ليس بالقليل، ولو أنه جرى مع طبعه، وجانب التكلف، مع معانيه المبتكرة وأخيلته الجميلة، لكان سيد الشعراء غير مدافع[1]؛ فإنك حين تقرأ له ما ورد أول هذا الفصل من الشعر القوي الجميل تعجب كيف يحيد عنه جريًا وراء البديع، وتعلقًا بالصنعة الممقوتة ليقع في مثل هذه الاستعارة القبيحة:
باشرت أسباب الغنى بمدائح ... ضربت بأبواب الملوك طبولا
ضرام الحب عشش في فؤادي ... وحضن فوقه طير البعاد
كأنني، حين جردت الرجاء له ... عضب صببت به ماء على الزمن
أو هذا الجناس المستكره:
إن من عق والديه لملعو ... ن ومن عق منزلًا بالعقيق
فاسلم سلمت من الآفات ما سلمت ... سلام سلمى ومهما أورق السلم
أو ذلك الطباق المتكلف:
قد لان أكثر ما تريد وبعضه ... خشن وإني بالنجاح لواثق
وإن حفرت أموال قوم أكفهم ... مِن النيل والجدوى فكفاه مقطع
وشر من ذلك هذه المعاطلة بتداخل الكلمات، وركوب بعضها بعضًا:
خان الصفاء أخ خان الزمان أخا ... عنه فلم يتخون جسمه الكمد2 [1] راجع الوساطة، ص24.
2 راجع الموازنة بين الطائيين، ص105-210 طبعة الجوانب، ويريد بالبيت خان الصفاء أخ خان الصفاء أخا من أجله فلم يتخون جسمه الكمد: أي لم يؤثر الحزن في جسمه وفاء لأخيه.
اسم الکتاب : الأسلوب المؤلف : الشايب، أحمد الجزء : 1 صفحة : 180