responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأدب العربي المعاصر في مصر المؤلف : شوقي ضيف    الجزء : 1  صفحة : 41
2- نهضة وإحياء:
رأينا شعرنا في النصف الأول من القرن التاسع عشر لا يكاد يخرج عن الإطار العثماني السقيم؛ ولكننا لا نكاد نمضي في النصف الثاني من هذا القرن حتى يأخذ هذا الإطار في التغير والتحطم في بعض جوانبه.
وهيأت لهذا التطور بواعثُ مختلفة؛ فإن جذوة الحقوق السياسية التي استشعرتها مصر منذ مفتتح القرن التاسع عشر أخذ ينزاح عنها رماد الظلم الثقيل، وأخذ المصريون يحسون هذه الحقوق المقدسة، ويستضيئون بها في حياتهم. وكان قد وصل كثير منهم -منذ عهد سعيد ومنذ رجوع البعثات- إلى المناصب الكبرى. وكان لاستكشاف حجر رشيد، وقيام علم الآثار المصرية، وتأسيس المتحف المصري -فضل كبير في شعورهم بكرامتهم وكرامة أصلهم؛ فقد وقفوا على تاريخهم وعرفوا فيه حقائق غير تلك الأساطير القديمة التي كان يرويها المؤرخون -من مثل المقريزي- عن بلادهم.

ولا تستطيع في أثناء هذا العبث أن تقرأ معنًى مبتكرًا؛ بل لا تستطيع أن تقرأ لفظًا جميلًا، فتلك مرتبة عليا كانت تستعصي على الشعراء في ذلك الحين. ومن الغريب أن معاصريهم مع هذا الإسفاف كانوا يعجبون بهم؛ لأن الذوق الفني كان واحدًا، وكان هذا الذوق عند الشاعر ومن يستمعون إليه لا يقوِّم الشعر تقويمًا صحيحًا؛ إذ كان يقومه بمقدار ما يتضمن من أغلال البديع والألعاب اللفظية المختلفة. فكان ذلك مقياس الشاعر والشاعرية، وكأنما أصبحت هذه الطرق الرديئة الملتوية هي كل المهارة التي تُطلب من الشعراء، فالناس لا يطلبون منهم ما يمتعون به أنفسهم أو يغذون به عواطفهم؛ إنما يطلبون هذا التكلف العقيم، وهو تكلف سقطت فيه حقائق الشعراء الذاتية، فقد أصبحوا أمثلة متشابهة، لا يتميز منهم شاعر عن شاعر لا بوجهة عاطفية، ولا بنزعة فكرية، ولا بسمة شخصية.

اسم الکتاب : الأدب العربي المعاصر في مصر المؤلف : شوقي ضيف    الجزء : 1  صفحة : 41
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست