responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأدب العربي المعاصر في مصر المؤلف : شوقي ضيف    الجزء : 1  صفحة : 269
مرجان، بخيت، مرزوق، فعجب الفتى، وقال: وما تصنعين بهؤلاء كلهم؟ لا تُتعبي الخدم يا شوشو بلا داع.
والتفت، فإذا ثلاثة كلاب تصعد مسرعة على السلم، وتقبل عليها، وتتوثب حولها، وتتمسَّح بثوبها، وتحرك أذنابها، وتعلق حذاءها. فأشارت إليها، فربض واحد إلى يمين الفتى وثانٍ أمامه وثالث إلى يساره. وعادت هي تحادث قريبها، حتى عرضت مناسبة، فنهضت، وأخبرته أنها ستغيب عنه برهة قصيرة، ولم تنتظر أن تسمع ما هَمَّ أن يقوله، إذا صح أنه فتح فمه ليتكلم! وتركته".
ويتخلل الحوار عنده بعض الألفاظ العامية؛ ولكنه لا يأتي بها إلا نادرًا، وفي المواضع التي تكون فيها العربية نابية، أما في غير الحوار فإنه كان يلتزم الفصحى. وكان من رأيه أنها لا تنقصها عناصر التعبير، وشرح ذلك في مقدمة قصته، فقال: إن محاكاة الواقع بالمعنى الحرفي لا معنى لها في الأدب؛ لأنه ليس مجرد نقل عن الطبيعة ومحاكاة؛ بل هو تحوير وتعديل. ومن ثم آثر للحوار أن يكون بالعربية إلا في مواقف قليلة رأى فيها الألفاظ العامية أقوى في التصوير وأوضح في التعبير.
ولاحظ النقاد على هذه القصة أن كاتبها تأثر بقصة "سانين" التي ترجمها قديمًا تأثرًا واضحًا؛ بل زعموا أنه نقل عنها كثيرًا. ولكن ذلك لا يقلل من أهمية هذه القصة البديعة التي تعرض لنا إبراهيم الكاتب شخصية حية تضطرب في محيط حياتنا المصرية بريفها ومدنها وروحها وتقاليدها. وظن غير ناقد أن المازني إنما صور شخصيته على لسان هذا البطل وأفكاره ومشاكله وأزمات نفسه وسخريته بالحياة وكل ما انطوى في قلبه من حزن ومرارة وكل ما ارتسم على شفته من ابتسام وفكاهة.
والحق أن أكثر قصص المازني ومقالاته يشبه أن يكون اعترافات، فهو دائم التصوير لنفسه وخصاله وحياته اليومية، وهو لذلك تفيض كتاباته بالحيوية؛ لأنها كتابات عقل غزير وروح غنية.

اسم الکتاب : الأدب العربي المعاصر في مصر المؤلف : شوقي ضيف    الجزء : 1  صفحة : 269
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست