responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأدب العربي المعاصر في مصر المؤلف : شوقي ضيف    الجزء : 1  صفحة : 260
إلى عناصرها ومكوناتها.
فأنت في قراءة مقالاته التي جُمعت طائفة منها ونشرت باسم "المنتخبات" و"تأملات" تحس بأنك تجد غذاء محققًا لعقلك ولقلبك ولشخصيتك المصرية التي عمل على إنمائها وإذكائها بكل ما استطاع، حتى لنجده يدعو إلى تقريب العربية من لغتنا العامية؛ حتى تكون لنا لغة مصرية مستقلة. ولم يدع إلى العامية -كما يُظَنُّ- وإنما دعا إلى التقريب بينها وبين العربية واستخدام ما فيها من كلمات أصلها فصيح، وهي تدور على كل لسان. ولم يجد حرجًا في أن تدخل منها بعض الألفاظ في أساليبنا الأدبية. وكان لذلك أثره عند المازني وهيكل وتوفيق الحكيم، فإنهم عمدوا إلى ذلك في بعض آثارهم.
وأظن ليس من العجب أن نرى هذا المعلم الأول لناشئة الأدباء والمفكرين بيننا يسعى إلى ترجمة أرسططاليس، وكأنه أحس إحساسًا عميقًا بأنه لا بد أن تؤسَّس حياتنا العقلية على أصول غربية، ورأى هذه الأصول عند الغربيين تتجاوز عصرهم الحديث إلى الإغريق وإلى المعلم الأول عندهم أرسططاليس، الذي كان له أكبر الأثر في حضارة الغرب الحديثة، وكان له نفس الأثر عند العرب في العصر العباسي وما بعده من عصور، فتحوَّل إليه يريد أن يترجمه ترجمة دقيقة؛ حتى يضع بين يدي المثقفين هذا العقل الإغريقي الخصب، فيساعدهم على تكوين عقولهم وما تحتاجه من قدرة على التفلسف والتبويب والتنظيم.
ولعلنا بذلك كله نستطيع أن نعرف فضل هذا الكاتب الكبير، فقد عمل جاهدًا على تربية الشعب المصري وتطوير حياته العقلية على ضوء الفكر الغربي قديمه وحديثه، وكانت جريدته المنارة التي ترسل هذه الأشعة الهادية إلى عقول الشباب وقلوبهم؛ بل كانت أشبه ما يكون بملعب "الليسيه" الذي كان يحاضر فيه أرسططاليس تلاميذه. وعلى نحو ما كان الفيلسوف الإغريقي يمرن تلاميذه على بحث الموضوعات المختلفة كان لطفي يمرن محمد حسين هيكل وطه حسين وغيرهما على الكتابة في المسائل السياسية والأدبية، وقد بعث في قلوب الشباب الشعور

اسم الکتاب : الأدب العربي المعاصر في مصر المؤلف : شوقي ضيف    الجزء : 1  صفحة : 260
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست