responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأدب العربي المعاصر في مصر المؤلف : شوقي ضيف    الجزء : 1  صفحة : 196
4- تجديد شامل:
لم تعد مقاييسنا في النقد هي المقاييس القديمة، فقد تطورت حياتنا الأدبية تطورًا واسعًا بفضل هذه الجماعة المجددة التي أتقنت الآداب العربية والأجنبية، واشتقت لنفسها مُثلًا أدبية جديدة تلائم ذوقنا المصري وحياتنا الحديثة التي كادت أن تتغير تغيرًا تامًّا، فلم نعد نعيش كما كان يعيش أسلافنا لا في حياتنا المادية ولا في حياتنا السياسية والعقلية.
فقد أخذنا نرفع بقوة الحواجز التي كانت تفصلنا عن الغرب وحضارته، ولم نقف عند جوانب هذه الحضارة المعنوية؛ بل أخذنا نُقْبل قليلًا أو كثيرًا على جوانبها المادية، كلٌّ حسب قدرته وسَعَة يده. ولا نبالغ إذا قلنا: إنه لم يعد بين كثيرين من المصريين وبين الأوربيين؛ أي: فارق في المثل الأعلى للحياة المادية، فهم يعيشون على الطريقة الأوربية وما يشيع فيها من مرافق الحياة وأدوات زينتها ومظاهرها المختلفة. وطبعًا يصيب أهل المدن من ذلك أكثر مما يصيب أهل الريف؛ ولكن حتى هؤلاء يفيدون من تطور المواصلات ووسائلها الأوربية

الحاضرة وتستوحي بيئاتها المختلفة. وهي في الوقت نفسه تدرس الآداب الأوربية دراسة عميقة، ولا تكتفي بدراستها؛ بل تحاول عرضها عرضًا حسنًا في العربية وتنقدها وتحللها تحليلًا واسعًا، كما تستوحيها وتستلهمها فيما تكتب وتُخْرج للناس.
ونحن مهما صورنا من جهود من قاموا على هذه الحركة لن تبلغ من هذا التصوير كل ما نريد؛ لأن عملهم كان واسعًا إلى أبعد الحدود، ويكفي أنهم مرَّنوا لغتنا المصرية الحديثة على التعبير عن أغراضنا وحياتنا في سهولة وبساطة، وجعلوا لها شخصية متميزة؛ بحيث نستطيع أن نقول في غير مغالاة: إنه أصبح لنا أدب مصري، نبت في وطن مصري، على أيدي طائفة من المصريين.

اسم الکتاب : الأدب العربي المعاصر في مصر المؤلف : شوقي ضيف    الجزء : 1  صفحة : 196
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست