اسم الکتاب : الأدب الجاهلي في آثار الدارسين قديما وحديثا المؤلف : عفيف عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 22
يعلل عجزهم عن إصدار الحكم الصائب على الشعر الجاهلي لاعتمادهم على قيم ومعايير انحدرت إليهم من أمم أجنبية كاليونان والفرس.
وقد يكون محقًّا في جزء من مقولته، لكننا لا نملك تعميمها على النقاد جميعًا، وإن الأقرب إلى الصواب أن نزعم أن العصور المتأخرة بعد القرن الثالث شهدت شيئًا من هذا التأثر.
5- ويعلل باحث آخر[1] تقصير معظم الدراسات التراثية لأنها لم تعِ أن الشعر القديم إنما هو تقدير النفس والحياة، وهذا أمر بدهي؛ لأن أهدافهم من جمع الشعر وتوثيقه وشرحه تختلف عن أهدافنا نحن اليوم.
6- لم يكن نصيب القبائل من الجمع عادلًا لتدخُّل العصبية في عملية الجمع, ونحن لا ننكر دور العصبية، ولكن العلماء الذين تصدَّوا لعملية الجمع كثيرون، وقد جمعوا شعر القبائل كلها لدليل واحد نملكه على الأقل, وهو أن أبا عمرو بن العلاء وحده جمع شعر ثمانين قبيلة[2], وما ذنب الرواة إن لم تكن القبائل متساوية في حجم الشعر والشعراء، أو لم يحرص رواة القبيلة على تناقل الشعر وحفظه على عصر التدوين.
7- النقد لم يواكب الشعر ولم يدرسه، بل كان جلَّ همه منصَبًّا على شرح مفرداته ونقد جزئي.
8- إن الكثير من الجهود قد ضلَّ طريقه إلينا.
وخلاصة القول في هذه السلبيات أنها تحمل اللغويين القدامى حملًا لا يقدرون عليه في ظل ظروف عصرهم، ولأنه لم يكن هدفًا من أهدافهم، ولقد كانت الرواية الشفوية علمًا خاصًّا اختص به الإسلام وارتبط بالعقيدة الإسلامية؛ لأن الرواة يروون أيضًا الحديث الشريف والعلوم القرآنية، ولكن القليلين من المحدثين من مستشرقين وعرب قدَّروا هذا العلم وتلك الخاصية حق قدرهما، ولم يفهموها كما ينبغي[3], وهذا النقص الذي نبحث عنه في شعرنا الجاهلي وجهود القدامى فيه سببه [1] صلاح عبد الصبور، قراءة جديدة لشعرنا القديم. [2] انظر الفهرست لابن النديم 159، وانظر أيضًا المؤتلف والمختلف للآمدي في صفحات مختلفة. [3] أوجست شبرنجر، ضمن دراسات المستشرقين حول الأدب الجاهلي، ترجمة عبد الرحمن بدوي، ص249 وما بعدها.
اسم الکتاب : الأدب الجاهلي في آثار الدارسين قديما وحديثا المؤلف : عفيف عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 22