responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار البلاغة المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 404
ومن غير أن يسبقَ استحقاقه لهذا الاسم في وضع اللغة، رام شيئاً في غاية البعد. وعبارةٌ أخرى العاريّة من شأنها أن تكون عند المستعير على صفةٍ شبيهةٍ بصفتها وهي عند المالك، ولسنا نجد هذه الصورة إلا فيما نُقل نَقْلَ التشبيه للمبالغة دون ما سواه، ألا ترى أن الاسم المستعار يتناول المستعارَ له، ليدلَّ على مشاركته المستعار منه في صفةٍ هي أخصُّ الصفات التي من أجلها وُضع الاسم الأول؟ أعني أن الشجاعة أقوى المعاني التي من أجلها سُمّي الأسد أسداً، وأنت تستعير الاسم للشيء على معنى إثباتها له على حدّها في الأسد. فأما اليد ونقلُها إلى النعمة، فليست من هذا في شيءٍ، لأنها لم تتناول النعمةَ لتدلَّ على صفة من صفات اليد بحال، ويحرِّر ذلك نكتةٌ: وهي أنك تريد بقولك: رأيت أسداً، أن تُثبِتَ للرجل الأسدية، ولست تريد بقولك: له عندي يَدٌ، أن تُثبت للنعمة اليديّة، وهذا واضحٌ جدّاً. واعلم أنَّ الواجب كان أن لا أَعُدَّ وضع الشفةِ موضع الجحفلة، والجحفلة في مكان المِشْفَر، ونظائره التي قدَّمتُ ذكرها في الاستعارة، وأضَنَّ باسمها أن يقع عليه، ولكني رأيتُهم قد خَلَطوه بالاستعارات وعَدُّوه مَعَدَّها، فكرِهتُ التشدّد في الخلاف
واعتددت به في الجملة، ونبَّهت على ضعف أمره بأن سمّيتُه استعارةً غير مُفيدة، وكان وزان ذلك وِزان أن يقال: المفعول على ضربين مفعول صحيح، ومشبّه بالمفعول، فيُتجوَّز باعتداد المشبَّه بالمفعول في الجملة، ثم يفصل بالوصف، ووجهُ شَبَهِ هذا النحو الذي هو نَقْلُ الشفة إلى موضع الجحفلة بالاستعارة الحقيقية، لأنك تنقل الاسم إلى مجانسٍ له، ألا ترى أنّ المراد بالشفة والجحفلة عضوٌ واحد، وإنما الفرق أنّ هذا من الفَرَس، وذاك من الإنسان، والمجانسة والمشابهة من وادٍ واحد؟ فأنت تقول: أعير الشيءُ اسمَه الموضوعَ له هنالك أي في الإنسان - هاهنا - أي في الفرس -، لأن أحدهما مثل صاحبه وشريكه في جنسه، كما أعرت الرجلَ اسم الأسد، لأنه شاركه في صفته الخاصّة به، وهي الشجاعة البليغة، وليس لليد مع النعمة هذا الشبه، إذ لا مجانسة بين الجارحة وبين النعمة، وكذا لا شَبَهَ ولا جنسيةَ بين البعير ومَتَاعِ البيت، وبين المزادة وبين البعير، ولا بين العين وبين جملة الشخص فإطلاق اسم الاستعارة عليه بعيدٌ. ولو كان اللفظ يستحقّ الوَصْف بالاستعارة بمجرَّد النقل، لجاز أن توصف الأسماء المنقولة من الأجناس إلى الأعلام بأنها مستعارة، فيقال: حَجَرٌ، مستعار في اسم الرجل، ولزم كذلك في الفعل المنقول نحو: يزيد ويشكر وفي الصوت نحو: بَبَّة في قوله: واعتددت به في الجملة، ونبَّهت على ضعف أمره بأن سمّيتُه استعارةً غير مُفيدة، وكان وزان

اسم الکتاب : أسرار البلاغة المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 404
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست